بعد تردي الأوضاع الاقتصادية كناتج طبيعي لسوء وفشل الإدارة وانعدام التخطيط المدروس، وبعد انخفاض دخل الفرد تقريباً إلى "100" درجة تحت الصفر بحسب مقاييس أصحاب الأفران وميازين الخبر وتجار الأسماك والفواكه والخضروات ومع اشتداد الأزمة السياسية، على مزمار المعارضة وخلخال السلطة جاءت دعوة الرئيس للحوار السياسي من أجل المصلحة الوطنية، أحدهم علق على ذلك قائلاً: بعد إيه، وآخر قال المهم إنها جاءت.
ونعم المهم إنها جاءت ولو جاءت متأخرة، ومنذ ذلك الوقت من ظهور الدعوة السياسية للحور السياسي، والساحة السياسية اليمنية كقول شاعر شعبي "كلما تقدمت خطوة رجعوني خطوتين" فبعد الدعوة، لجنة وراء لجنة، همزة تقابلها لمزة حتى تم الإعلان عن المائة محاور يمثلون الحاكم وأحزاب التحالف الوطني وأحزاب اللقاء المشترك بالإضافة إلى علماء ووجاهات وشخصيات اجتماعية وممثلي عن منظمات المجتمع المدني.
ومن تشكيلة المائة محاور أعرف أحدهم من طبقة الحاكم والله أنه لا يجيد سوى هز الرأس سلباً كان أم إيجاباً، ومن تشكيلة المشترك أحدهم يبكي حتى أثناء مشاهدته مسرحية "شاهد ما شافش حاجة" لعادل إمام أما المتحاورون المحايدون والذي يفترض ألا يكون لهم يد لا ببنزين المعارضة ولا بكبريت السلطة فليس لنا سوى الدعاء بعد كل صلاة ألا ينقادوا إلى ساحة المزاد السياسي.
وفي ظل انتظار الفرج من نتاج ذلك الحوار القريب البعيد تبرز العديد من التساؤلات مع استمرار نهب المال العام المقنن فراداً وتواصل النهش في جسد البلاد بغرض إغراقها في مخلفات الأمركة كالعرقنة والأفغنة، وفي نهاية التبعية والهوشلة، الصوملة.
من تلك التساؤلات هو سؤال واحد والإجابة عليه هو الحل الجذري لكل مشكلات البلاد هذا إذا تركنا السفه السياسي بعيداً، والسؤال على ماذا سيتحاور المتحاورون هل من أجل القضاء على الفساد تماماً وبلا رجعة، أم من أجل الخبز والسكر واللبن أم من أجل التقاسم السياسي والتسلط على إدارة شؤون البلاد!
بربكم أيها الأخوة في الدين والأعداء في السياسية، بربكم تحاوروا، لا تحتاروا في قياسات عمامة قمم ولا تتيهوا وسط صيحات الخارج، ولا تنسوا أبداً أن هناك في وطنكم من ينتظر الإنصاف وكسر حواجز العزلة بحل قضاياهم في إطار حواركم، وإياكم ثم إياكم من تجاهل ذلك وتهميشه.
تحاوروا أيها السادة من أجل هذا الوطن الموجوع والشعب المغلوب على أمر ولتكن البداية وفقاً لخريطة دالة على إصطلاحكم.
إن الموطن الغير متذمر لا يزال أمله في حواركم كبير.
نعم حوار وحوار جاد، "مش حوار أبو نقطة". على الرغم أحد البسطاء فضل هذا الأخير في ظل استمرار ذلك المصطلح السياسي الراقي بين فكي السلطة والمعارضة، مبرراً تفضيله للأخير أي الخوار أنه الصوت البريء الذي سيقضي نهائياً على ظاهرة العراك السياسي.
ردفان عمر
ليكن حوار من أجل الوطن (1- 2) 1739