شغلتنا الأوضاع الراهنة على الساحة العربية عموماً وعلى ساحتنا اليمنية خاصة، فما زلنا نعيش هموماً نحن ندرك جيداً أن حلها لن يكون في يوم من الأيام عن طريق أقلامنا التي يذهب حبرها أدراج الرياح وسلة المهملات دون النظر إلى الحلول والمقترحات والمعالجات وكذلك المناشدات والاستغاثات التي نقدمها من أجل إنقاذ الوطن من هوسهم ولامبالاتهم ، مللنا الحديث المتكرر، ومللنا الآذان الصماء ، بل مللنا مناداة الأموات ، أموات القلوب والضمائر، وقد رأيت في ظل هذا الانشغال بهموم وطنية، الكل يدركها ويتجاهلها فرقاء السياسة الذين لم يملوا الحرب الإعلامية الظالمة التي تكاد أن تكون على حساب سيادة وطننا وأمننا واستقرارنا، حرب إعلامية شرسة تغزوا العقول على حساب المبادئ والقيم الوطنية، لتقود هذا الوطن إلى ما لا يجب أن يصل إليه، فأصبحنا نعيش اليوم بين مطرقة المعارضة وسندان الحكومة، لا ندري متى سيستشعر هؤلاء مسؤوليتهم تجاه هذا الشعب المسكين وقد حان الوقت لأن نأخذ قسطاً من الراحة ونعود إلى المأساة المجتمعية والمعيشية التي يعيشها بسطاء هذا الشعب في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ليعذرني آبائي وإخواني من البسطاء الذين أجبرتني هموم وطن يفتقر إلى الوطنيين تجاهلهم نوعاً ما، ونحن ندرك جيداً أن الآذان الصماء سنجدها عندما نتناول قضايا وهموم البسطاء وذوي الفاقة، إلا انه من الواجب علينا البلاغ والتبيان ، ليوم يعجز فيه أصحاب الآذن الصماء عن الدفاع عن أنفسهم والافتداء بأموالهم وما كنزوه في حياتهم الأولى ، ليعذرني أولئك الصغار الذين يجتاح السرطان براءة طفولتهم ، ليعذرني الصغار الذين يتسولون على الأرصفة في الجولات وبين غوغائية السيارات التي غالباً ما تقع في عشوائية السير وتتسبب في الازدحام الذي يقود إلى الشجار وأحياناً إلى الاشتباك في ظل غياب رجل المرور.
ليعذرني أولئك المساكين الذين يفترشون الأرصفة ويأكلون من مخلفات أسياد المال التي ترمى إلى أماكن تجميع القمامة ، ليعذرني أولئك المجانين الحقيقيين الذين يتعامل معهم مجتمعنا على أنهم مخبرون ولا يجدون جهة ترعاهم ،لتعذرني تلك الشابة التي تبحث لوالدتها عن قيمة دواء متحملة بصبر المحتاج قذارة ودناءة بعض الرجال الشواذ الذين يحاولون جرها إلى شباكهم القذرة مقابل توفير الدواء التي تبحث عن من يوفر لها قيمته في زمن اختفى فيه الخير والمعروف وخان المسؤولون أماناتهم، لا رحمهم الله.
ليعذرني الصغار من المهمشين الذين أصبحوا مشروعا لعديمي الضمائر يشترون بهم السيارات ويعمرون بهم البيوت والعقارات، أريد الاعتذار للكثير والكثير، فما أكثر معاناتنا وما أقل المعالجات، لن ننسى وطننا وهمومه وما يحاك ضده ، وفي الوقت نفسه سنكرس الجهود لأمثالنا من البسطاء الذين يحتاجون فعلاً إلى من يذكر بهم ويلفت الانتباه إليهم في وقت أصبحوا فيه آخر حسابات حكومتنا ومعارضتنا ورجال المال والأعمال الذين تتخطى ملايينهم الفقراء والمرضى من المساكين والمحتاجين متجهة نحو الهدايا والرشوات والإنفاق الذي لا يحمل نوايا الخير، فليبشر البسطاء وليثققوا بأنهم في قلوبنا وعقولنا ولن ننساهم ماحيينا، وأعظم الله أجرك يامحمد في ولديك المتوفيين إثر داء السرطان القاتل ،وكم أثلج صدري دعاؤك لصحيفة "أخبار اليوم" التي أوصلت مناشدتك عبر احد المقالات إلى المعنيين الذين لم يهتموا بحالتك وسخر الله لك من أخذ بيدك وأوصلك إلى أرض مصر، فجزاه الله خيراً وكان الله في عونك وشفى الله زوجتك وطفلك.<
aldahiad@yahoo.com
محمد أمين الداهية
ليعذرنا البسطاء.. فوالله مانسيناهم 1659