ما وجدت ثقافة "المناطقية" في مجتمع أو مكان إلا ونشرت فيه الفتن والضغائن والأحقاد والمشاكل والاختلافات العصبية وكل هذه الأمور التي ذكرتها نهى عنها الدين الإسلامي الحنيف الذي أمر المسلمين بالتآلف والتآخي والتكاتف وإشاعة أواصر الحب والتعاون والتسامح ووحدة الصف ونبذ الفرقة وغير ذلك من المبادئ السامية والعظيمة ؟!
أستغرب حقيقة من قلة قليلة في الوطن تنتهج وتمارس المناطقية سوءاً قولاً أو فعلاً وتحديداً في عدد من المحافظات والمناطق الجنوبية وفي أبين على وجه الخصوص ؟! وقد تكون مثل هذه الممارسات قليلة وربما نادرة إلا أنها موجودة ولا يستطيع أن ينكر وجودها أحد ؟!
قبل أيام تحدث إلي أحد أبناء محافظة تعز عن مضايقات واستفزازات يجدها من قبل أفراد يأتون إلى الكفتيريا التي استأجرها ؟! وآخر من " حجة" قال لي بأن عدداً من " المناطقيين " لا يكفون عن مضايقته وتوجيه العبارات البذيئة والألفاظ الجارحة إليه أثناء تواجده في بسطة الخضار التي يمتلكها .. وهناك قصص كثيرة في هذا الجانب نعتذر عن ذكرها ونجدها فرصة للقول والتأكيد على أن أبناء المحافظات الجنوبية وأبناء أبين بشكل خاص كانوا وما يزالون وسيظلون الحضن الدافئ والمرحب لإخوانهم أبناء المحافظات الشمالية من الوطن والعكس صحيح وإن وجدت بعض الحوادث في أبين أو لحج أو الضالع فهي قليلة وربما نادرة الحدوث، قد يكون من أسبابها التعبئة الخاطئة والفهم الخاطئ والمغلوط والاندفاع اللامسؤول وغياب الوعي الوطني لمن يقومون بحوادث وأعمال ذات صبغة مناطقية ؟!
وإن وجد هناك ممن يمارسون "المناطقية", حتى يتحمس لها نقول له: " إتقِ الله يا أخي العزيز وأعلم أنك على خطأ فأبناء اليمن عبارة عن نسيج واحد يرتبطون فيما بينهم بعلاقات اجتماعية وأسرية وثقافية وإنسانية ليس منذ 22 مايو 1990م فحسب بل من عقود وفترات طويلة سبقت هذا التاريخ باعتبار أن اليمن أرضاً واحدة موحدة منذ الأزل وإن كانت قد تشطرت إلا أن دولتين السبب في ذلك الغزاة والمستعمرون والمستبدون وأهدافهم ومخططاتهم الخبيثة ، في إحدى الندوات التي نظمها منتدى الوحدة اليمنية ـ أبين ـ قبل أسابيع حول المناطقية وأضرارها .. أعجبني حديث الأخ الأستاذ/ أحمد غالب الرهوي / وكيل محافظة أبين مدير عام مديرية خنفر حين قال: " من غير المعقول أو المقبول أن يطل علينا أناس قلة وأفراد ينادون بدعوات مناطقية ممقوتة عفى عليها الزمن ؟!.. فلا يعقل أو يقبل أن يقال لأبن زبيد الذي أتى قبل خمسين عاماً إلى خنفر وأشترى الأرض الزراعية وبعد ذلك أن يقال له أرحل إلى بلادك ؟!.. من يقول هذا الكلام أو ما يشابهه يمارس المناطقية التي ودعها اليمن يوم 22مايو 1990م بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة وإعادة اليمن وأبناءه إلى المسار التاريخي والجغرافي الطبيعي كون اليمن أرضاً واحدة وأبناء اليمن شعباً واحداً"؟!
كما أعجبت كثيراً بحديث الأخ الأستاذ/ محمد الحاج سالم - رئيس منتدى الوحدة اليمنية - ورئيس تحرير موقع أبين برس في ذات الندوة حين دعا إلى دعم الجهود الوطنية للكوادر والكفاءات الموجودة في أبين والتي تعمل بصدق وإخلاص لتعزيز ونشر قيم الإنتماء الوطني والندفاع عن الثوابت الوطنية ليمن 22 مايو 1990م وكذا التي تعمل على محاربة المناطقية والجهوية ؟! كوادر وكفاءات وجهات لا تلقى الإهتمام والدعم والتفاعل الجاد وحتى وإن وجدت فهي خجولة وغير كافية ولا تتناسب وحجم الواقع المر والأحداث المؤسفة التي عاشتها وتعيشها أبين والتي تتطلب عملاً وطني هادفاً وفاعلاً ؟! فهل تلقى هذه المناشدة آذاناً صاغية ننتظر ونتطلع إلى ذلك؟! كما أن على السلطات المحلية في المديريات والمحافظات الجنوبية تحديداً أيلاء الموضوع الذي تحدثنا عنه وتناولناه كل اهتمام وجدية ... وإلى لقاء آخر إن شاء الله .