أسمر بسيط في العقد الثالث من عمره حينما بدأ حديثاً مطولاً مع شابٍ في العشرينيات
من عمره كان يجلس إلى جواره في حافلة أقلتنا من عدن إلى زنجبار.
والبداية كانت
حينما انطلقت الحافلة وبدأ ذلك الشاب الحديث عن المشاكل التي تعانيها اليمن من فقر
وبطالة وغلاء و..و.., محملاً كل هذه المشاكل والهموم "الوحدة" ومتطلعاً إلى التشطير
وعودة براميل
كرش والشريجة وعودة الواقع الذي كان سائداً قبل 22 مايو 1990م لعل وعسى أن
تتحسن الظروف وتحل المشاكل وينتهي الغلاء والفقر والبطالة .."وهذا الكلام للأسف
قاله ذلك الشاب الصغير" ..وما أن انتهى من حديثه حتى بدأ الشاب الأسمر الذي يجلس
إلى جواره حديثه الموجه للشاب الصغير قائلاً: يا أخي العزيز الوحدة اليمنية التي
تحققت يوم 22 مايو 1990م تُعد منجزاً ومكسباً مهماً تحقق لليمنيين بعد سنوات طويلة
عانى فيها اليمنيون من مرارات ومآسي الاستعمار والاستبداد والواقع التشطيري
المؤلم..
الوحدة اليمنية هي الحلم الأزلي الذي تحقق والذي أصبح اليوم واقعاً
معاشاً ومنجزاً ماثلاً ..وإن جئت لترى الواقع الدولي بنظرة عامة وفاحصة فسترى أن
عدداً من الدول تشطرت وتجزأت وتشرذمت وفي تشطرها وتجزئها وتشرذمها زادت المشاكل
وتفاقمت الهموم والاحتياجات ولنا نحن اليمنيون أن نفخر بأننا الشعب الذي استطاع أن
يقهر المستحيل ويتحدى الصعاب بالسير نحو الوحدة وتحقيقها يوم 22 مايو 1990م رغم
كثرة المعوقات وصعوبة الأوضاع آنذاك ما تميز به رد الشاب الأسمر هو الحماسة والحس
الوطني ..
إلاّ أن الشاب الصغير عاد مرة أخرى إلى ذكر مشاكل الفقر والبطالة
و..و..
فما كان من الشاب الأسمر إلا أن واصل حديثه قائلاً: لا أنكر أو أقلل من
حجم المشاكل الموجودة كالفقر والبطالة وغيرها من المشاكل الأخرى إلا أن وجود هذه
المشاكل لا يجب أن تدفعنا كيمنيين أو كقلة هنا أو هناك للتطلع بعودة الواقع
التشطيري الذي يسبق يوم 22 مايو 1990م بل علينا أن نتطلع إلى حل هذه المشاكل في
إطار وطن واحد وكيان واحد..علينا يا أخي أن لا نحمل "الوحدة" المشاكل والهموم
الموجودة بل علينا أن نترفع عن الصغائر وأن لا نندفع خلف ما يدعو إليه المأزومون
وأصحاب المشاريع الصغيرة الذين يتربصون باليمن وبوحدته واستقراره وأمنه ويهتمون بما
يخدم مصالحهم ويضر بمصالح أبناء الشعب اليمني العظيم.
وأضاف الشاب الأسمر في
حديثه: صدقني يا أخي أن الوحدة عز وقوة وسمو ورفعة أما التفرق والتشرذم فهو هوان
وضعف ومآسي..وإن جئنا إلى الحديث عن الوحدة وإعادة تحقيقها يوم 22 مايو 1990م فهذا
هو إعادة للسياق التاريخي والطبيعي والجغرافي لليمن باعتبارها أرضاً واحدة فاليمن
موحدة أرضاً وشعباً منذ أقدم العصور وان كانت قد تشطرت وتجزأت إلى شطرين فهذا كان
بسبب المستعمرين والغزاة والطامعين..وإن جئنا للحديث عن اليمن في الإطار والسياق
الديني فاليمن أرض واحدة وهناك عدد من الأحاديث الشريفة لخير الأنبياء
والمرسلين"محمد صلى الله عليه وسلم" تؤكد هذا فبدأ ذلك الشاب يستوعب أو دعونا نقول
يفكر في حديث الشاب الأسمر الذي أختتم حديثه بالقول: "الوحدة اليمنية يا أخي العزيز
هي السفينة التي جاءت لتنقذ اليمنيين ولتحقق أعظم آمالهم وتطالعاتهم وتنهي مآسيهم
ومراراتهم وأحزانهم السابقة التي عاشوها قبل 22 مايو 1990م وأن كانت هناك من مشاكل
أو هموم أو سلبيات فلا يجب أن نحملها الوحدة أو نتطاول على ثوابتها
العظيمة..
كما أنني أحب أن أشير إلى أن عهد الوحدة وعهد فخامة الأخ الرئيس/ علي
عبدالله صالح عهد حمل التسامح والتآلف والتآخي والمنجزات الكثيرة والإيجابيات
الكبيرة التي عمت وتعم كل محافظات الوطن..
وبكل تأكيد فإن أي حديث سخيف عن فك
الارتباط أو العودة إلى ما قبل 22 مايو 1990م سيفشل ولن يكتب له النجاح لأن الشعب
اليمني ببساطة لن يتخلى عن وحدته ولن ينجر خلف دعوات الكذابين والمأزومين وانتهت
كذلك الرحلة من عدن إلى زنجبار وإن كان من انطباع أو شعور تولد داخلي فهو شعور
بالفرح والسرور من حديث الشاب الأسمر..
حديث يؤكد مدى الحب والانتماء للوطن من
شاب بسيط أكد حبه لوطنه ودافع عن ثوابته..
شاب يمثل مثالاً للمواطن العاشق
والمقدس لتراب هذا الوطن ولوحدته العظيمة، شاب أبيني بسيط دافع عن الوحدة وعن
أهميتها وعظمتها.
ولعل ما يتبادر إلى الذهن ويطرح التساؤل هو هل قام عدد من
المسؤولين في أبين أو في غير أبين بالدور المناط بهم في التوعية الوطنية وترسيخ قيم
الانتماء الوطني؟! ما أعرفه ومتأكد منه هو أن عدداً كبيراً من المسؤولين في أبين
وفي مديرياتها المختلفة غير مهتمين إلا بهدر المال العام ممارسة الفساد المالي
والإداري أما الوطن والدفاع عن قيمه ومبادئه الوطنية فلا يشغل بال أو أجندة هؤلاء
المسؤولين..
والله المستعان..