;

لماذا أصحاب المبادئ يخسرون دائماً؟؟ 2164

2010-05-29 03:16:25

علي محمد
الحزمي


قال أحدهم يوماً إن أصحاب المبادئ
يشيبون باكراً وتصبح كواهلهم مثقلة بالديون والهموم، وقال آخر أصحاب المبادئ يعيشون
ولا يعيشون ، وفي كلا الحالتين الأمر صحيح ، فأصحاب المبادئ في زمننا هذا أصبحوا
فئة نادرة وقليلة الوجود والسبب أننا في زمن المصلحة الشخصية ، فتجد فلاناً كان
بالأمس يقول إنه ضد كذا ومع كذا ويتطرق إلى الكثير من مآسي الوطن والمواطن ، وفي
حال
حصوله على وظيفة أو مركز مرموق
تجده في اليوم الثاني يتحدث مخالفا كل ما قاله في السابق ، وهذا ليس بجديد في زمن
أصبحت فيه المبادئ كأنها عار على أصحابها ، فلا ندري عن المبادئ المقصود عنها هل هي
مبادئ تربوية أم مبادئ أخلاقية المهنة أم المبادئ والمثل الإسلامية العليا أم
المبادئ الحياتية في شتى أمور الحياة ومتطلباتها.
كثيرة هي الأمثلة وأولها صديق
- صديقي ياسين وهو شاب مكافح درس وتعلم وتحصل على أرقى الدرجات العلمية العليا وعمل
خارج الوطن وعاد للوطن تملؤه الفرحة والغبطة والسرور وهو يحلم بتجسيد مبادئ الوطنية
التي تعلمها وترعرع في أحضانها وهو في ديار الغربة وحين عاد عمل في محافظة عدن في
يمن مول على وجه التحديد ولمدة سنة كاملة ، وهو يحظى بإشادات الجميع وشهاداتهم
وشهادات التقدير والمدح والثناء وفجأة انقلب الأمر رأساً على عقب وخرج من عمله ،
والسبب أنه رفض أخذ شيء اسمه عمولة أو حق بن هادي أو أي شي متعلق بأبناء هادي والذي
لا نعرف نحن من هو هادي الذي نتحمله ليل نهار ، بل ورفض القبول بهذه العمولة لأنها
من وجهة نظره مجرد رشوة ، وتم الاستغناء عنه حين قدم استقالته وتم قبولها ولكن
بطريقة أخرى ، وعمل في مجال آخر وبنفس المدينة وعام آخر ولنفس السبب وخرج وجاء إلى
صنعاء بحثاً عن عمل !!وصبراً يا مروان.
هكذا أصبح الزمن يتطلب من الشخص أن يكون
كالحرباء يتلون بألوان البيئة التي تحيط به خوفاً من أن ينتهي به الحال في الشارع
وهو لا يجد حتى مكاناً يحفظ له كرامته ويكرمه عن سنوات دراسته وشهادته العليا ، ومن
غير المعقول أن تجد مؤسسة تقبل شخصاَ نزيهاً مائة بالمائة والسبب بالطبع هو انعدام
الوازع الديني والضمير الأخلاقي الحي ، فتجد بعض المتبوئين أحد المناصب لا يقبل
أحداً نزيهاً لأنه يريد شخصاً يستطيع أن يمسك عليه ذلة تجعله يعمل وهو خاضع بكل ما
تعنيه كلمة الخضوع ، وتجعله كالدمية في يد مرؤوسيه ولا يستطيع أن يتكلم بالرفض أو
أن يعترض على شيء ، وهذا بالطبع يعتبر منافياً تماماً لشيء اسمه المبدأ.
المبدأ
والضمير كلمتان مقترنتان نتكلم عنهما دوماً ولا نعرف منهما إلا الشيء القليل، هذا
إن أكرمنا الله بشيء من العلم ، ولكن أين تلكم الكلمتين من قواميس أصحاب السلطة
والمسؤولين وأولياء الأمور ، فأصبح بيع المبدأ هو السمة السياسية الظاهرة في أغلب
البلدان وكثيراًَ ما تجد أن فلاناً المعارض المشهور أصبح في ليلة وضحاها وطنياً،
وأصبح من مواليي الحزب الحاكم أو السلطة أو الديوان الأميري أو القصر الملكي ،
وكأنه لم يقل شيئاً بالأمس ولم يعترض على شيء ، وهذا هو حال الدنيا ، فكيف للشخص أن
يعيش بدون مبدأ ؟! كثيرة هي المغريات التي تقابلنا في حياتنا من دعوات للرحيل وعروض
للعمل في دول المهجر وعقود تتجاوز الأرقام التي نحلم بالحصول على نصفها على أرض
الوطن ولكن هناك شيء ما يدعونا دوماً للكفاح هنا والعمل هنا والقناعة بأبسط مقومات
العيش حتى وإن كانت غرفة لا تتعدى المترين مربع طولاً وعرضاً ووجبات ثلاث أساسية لا
تتجاوز أكبرها نفر سلتة ، ولا يتعدى المصروف اليومي ألف ريال ، وفوق هذا وذاك من
أين يستطيع الإنسان أن يحصل على مبلغ ثلاثين ألف ريال في الشهر الواحد ليعيش مستور
الحال وبعيداً عن بيع المبدأ والضمير؟ من العجيب أنك تجد فئة من الشباب تحمل
المبادئ محمل الجد، فتجدهم غيورين على أوطانهم وعلى شرف وتراب وطنهم وبالمقابل
يعيشون في الحضيض ، ولا داعي لذكر أمثلة تدمى لها القلوب قبل أن تدمع لها العيون ،
ولأنهم أصحاب مبادئ فتجدهم يخسرون كل شيء ودائماً ما يخسرون لأنهم فقط أصحاب مبادئ
، ولأنهم لم يقبلوا أن يبيعوا ضمائرهم ويحتالون على غيرهم ويدّعون الوطنية ويحترفون
الدجل والنفاق والعمل على كل ما يفند ويقتل المبادئ ، حتى وإن كانت مبادئ
إسلامية.
لعل في هؤلاء الشباب الخير الكثير فهم الخير للوطن وهم ليسوا ممن يدعون
الوطنية ولا يجيدون حتى المجاملة ولا يملكون القدرة على التخريب كما هو الحال في
بعض أولئك الذين ينسبون أنفسهم للمعارضة، بل ويصفون أنفسهم بأنهم في المعارضة أكثر
الناس وطنية على تراب الوطن ، ولعل الكثير يبيع مبادئه في أقرب فرصه حتى وإن كانت
ليست بالفرصة الكبرى والتي تستحق أن يبيع من أجلها هذا الشخص مبادئه، ومن العار أن
تجد بعض الأقلام الإعلامية والتي نفخر بوطنيتها تبيع كل المبادئ التي تربت عليها من
أجل الحصول على حفنة من المال أو من أجل محاباة بعض الشخصيات من أجل استمرار
أرزاقهم، وكأنهم ينسون أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ،ويتجاهلون أنهم كانوا
بالأمس مصدر فخر واعتزاز لكل وطني غيور.
ومع المبادئ وقفة..
ما تعرض له
الشاعر القدير حافظ الجرباني من معاملة لا تليق بشاعر وطني يستحق الحفاوة به ونصرته
والوقوف إلى جانبه ، وليس بتجاهل وزارة الثقافة لكل ما حدث سواء من الداخل أو
الخارج ولعل الشاعر نفسه ينأى عن الخوض في الحديث بهذه المسألة، ولكن نوجه العتاب
للمعنيين في وزارة الثقافة، لأنهم من المفروض أن يكون لهم تواجد والتجاهل يجعل
الكثير يصاب بالإحباط لما يلاقيه من إهمال واضح ولو حتى من باب السؤال والاهتمام
بشباب الوطن ، وكون القضية كلها لم تخرج عن نطاق المبادئ ، فقد عمل الشاعر بمبادئه
والتزم بها ولكن اسألوهم ماذا حدث؟ وندعوا المعنيين للنظر في مثل هذه الأمور التي
تهم الوطن ككل ، وشكراً لكل صاحب مبدأ.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد