;

«محادثات التقارب» وما بعدها 1101

2010-05-29 03:16:15

سوسن
البرغوتي


يعكف رئيس السلطة الفلسطينية حالياً
على إيهام الشعب الفلسطيني خاصة والعربي عامة، بأنه جاد بمفاوضات مع الوسطاء
الأمريكان، وكأنهم محايدون ويستطيعون إرغام "الإسرائيليين" على فعل ضاغط ليسوا
بوارده، للوصول إلى ما يرضي "طرفي النزاع".
إلا أن المفاوضات ليست غير

استمرارية
لإدمان التنازلات، للخروج بنتائج سلبية ومدمرة لما بقي من الثوابت.

مغزى
توجهه للحضن الأمريكي مباشرة، اختزال الطريق بين "تل أبيب" وواشنطن، كونهما طرفاً
واحداً، الذي يسيطر على مسار ما يُسمى بالمفاوضات.
إلا أن الهدف من هذه الجولة،
ليس إعادة فتح قنوات للتوصل لحل ما كما يوحي، بقدر ما هي إلزام السلطة، بالاعتراف
ب"يهودية دولة إسرائيل"، مما يعني أن القدس عاصمة أبدية لهم، والشروع بتهجير
فلسطيني الداخل، على أمل التزام "إسرائيل" بتلك المسماة الدويلة
الفلسطينية.
تدرك السلطة تماماً أن استعادة كل أراضي الضفة والقطاع والقدس، غير
وارد، كما تعلم علم اليقين، أن "إسرائيل" لن تسمح بقنبلة مؤقتة صاحبة سيادة
واستقلال بشتى المجالات بجوارها، فضلاً عن غض الطرف عن المستعمرات التي تلتهم الضفة
والقدس معاً.
إذن ما هي أهداف جري رئيس السلطة وراء السراب؟ - إطالة عمر السلطة
المحلية، وعدم تعرضها للانهيار المحتمل ما بعد جولة المفاوضات أو "محادثات
التقارب".
- دعم الدول المانحة والعربية الجانحة للتطبيع الشامل، مقابل طمأنة
العرب من حرب متوقعة، تتصاعد وتيرتها بين الفينة والأخرى، ويهبط مؤشر إمكانية
حدوثها، كلما بدت المفاوضات بحالة مستقرة ومستمرة.
- استقطاب المعارضة داخل
بقايا منظمة انتهت صلاحياتها منذ اتفاقية أوسلو، حين أدت مهمتها بالاعتراف الرسمي
ب"إسرائيل"، وإغرائها بالمال السياسي كالعادة.
- تضييق الخناق على الشعب بالضفة
تحديداً والتحكم بقوته اليومي والرواتب.
- الحصول على موافقة شكلية بوجود سلطة
إدارية وليست تنفيذية لأي قرار سياسي أو أمني يخص المناطق التي ستنسحب منها
"إسرائيل" ظاهرياً.
- تسويق التقارب مع الفصائل المقاومة، مع الاستمرار بملاحقة
عناصرها، أي اعتماد أسلوب المناورة، والمد والجزر.
- توظيف البعد القومي، بغطاء
مؤسساتي "المنظمة" التي ضمها لمكتب الرئاسة، وأن مرجعيته الإجماع العربي
الرسمي.
- إلهاء الشعب وإشغاله وتحويل اهتمامه من قضيته الأساسية، إلى توجيه
طاقاته بتأسيس مؤسسات مدنية، تحت ذريعة الانفتاح والازدهار المأمول، والمتحكم بها
الدول المانحة.
- إن المقاومة "السلمية" الوسيلة الأنجع، على سبيل المثال لا
الحصر، وحملة المقاطعة ضد منتجات المستعمرات في الضفة، والارتباط والتنسيق مع
الاحتلال بكافة المستويات والمجالات، جارية على قدم وساق، وبهذا تُعتمد كنهج وبديل
عن المقاومة المسلحة.
المفاوضات المحكوم عليها بالفشل بعد مرات ومرات، سوف تعتمد
سلطة رام الله سيناريو تصعيد التصريحات ضد "إسرائيل"، والعودة إلى الجولات في
البلاد العربية والغربية، بهدف المشاورات، وفتح الحوار المقنن والمشوب بالضغط
المالي مع فصائل المنظمة أو المكتب الإداري للرئاسة، لا فرق.
لكن هل الضغوط
المستمرة، ستؤتي ثمارها؟ خاصة أن "إسرائيل" تعمل بالمقابل باتجاه آخر: - شطب فلسطين
كوحدة جغرافية وتاريخية من القاموس العربي والإسلامي، واعتبار جيوب إدارية هي دويلة
فلسطين، فحسب.
- استمرار الحصار حتى إسقاط حكومة حماس، لتوحيد "شطري الوطن" تحت
قبضة الاحتلال وأجهزة دايتون.
- تمكين الجبهة الداخلية، واستعطاف العالم، أن
"إسرائيل" مهددة من الجوار.
- انتظار ما سيحدث في أفغانستان والعراق، وكيف
ستواجه أمريكا وتنهي معركتها مع المقاومة في البلدين، وتوتير الأجواء الدولية، بشأن
الملف النووي الإيراني.
إلى هنا يبدو المشهد أنه يسير حسب المتفق عليه، إلا أن
ثمة أطرافاً فلسطينية مقاومة وخصوما لرئيس السلطة نفسه داخل السلطة المحلية،
ينتظرون انتهاء المهلة التي قد تطول أو تقصر، حسب المخططات "الإسرائيلية" أعلاه،
للانقضاض إما على السلطة، أو استقالة رئيسها، وتسليم زمام الأمور لأحد خصومه
المرغوب بهم أمريكياً و"إسرائيلياً"، بإعلان وصول المفاوضات إلى حائط مسدود، أو
اللجوء إلى المرونة والمصالحة، لتفويت الفرصة على خصومه، بإقحام حماس ثانية بموضوعة
الانتخابات وما شابه.
الاحتمال الأخير ضعيف جداً حسب المعطيات، ولم يعد ثمة
بارقة للحفاظ على خط الرجعة، فقد استنفد كل رصيده الشعبي وداخل حركة فتح نفسها،
فمنهم من انضم لفياض وآخرون وصلوا إلى أنه حالة ميؤوس منها، فما بالك بالنسبة لمن
نفد الصبر لديهم.
كما أن علاقاته مع الأردن، وفي خضم الحديث عن "الوطن البديل"،
وتصريحاته السابقة، عن أن ستة ملايين لاجئ فلسطيني، لن يعودوا إلى "الدولة"
العتيدة، لأنهم يهددون وجود "اسرائيل"، أوجد شرخاً واضحاً، وكذلك مع دول الممانعة،
ومصر منشغلة بأمورها الداخلية. .
كل المؤشرات تدل على أن رئيس السلطة لن يصمد
طويلاً رغم محاولته انتهاج سياسة المناورة تارة والصدام تارة أخرى.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد