;

الاستبداد السياسي عاهة نظام الحكم..الحلقة «السابعة عشر» 1026

2010-03-18 03:30:41

صفحه من
كتاب


إن الآية القرآنية قد ذكرت سلطة
أولي الأمر بعد سلطة الله ورسوله وهي سلطة مطلقة لأنها سلطة مؤسسة للجماعة وللدولة
سلطة مقيدة بالتبعية للسلطة الأولى ولذلك لم يتكرر العطف "وأطيعوا" مما يدل على أن
طاعتهم ليست مستقلة عن طاعة الله ورسوله بل ضمن طاعة الله ورسوله وتبعاً
لها.

فمن هم أصحاب هذه السلطة
"أولو الأمر"؟ هل لهذا المفهوم علاقة بمفاهيم أساسية في السياسة والتشريع
الإسلاميين مثل مفهوم أهل الشورى وأهل الحل والعقد وأهل الاختيار والاجماع والبيعة؟
وهل للشورى علاقة بمفهوم العقد الاجتماعي؟ ومفهوم السيادة؟ والانتخاب والمعارضة؟
وتعدد الأحزاب.
الشورى والإجماع: والحقيقة أن الإجماع ذو أصل أصيل في الدين ولكن
استعمال الإجماع بعد وفاة النبي "ص" في تبيين طريقة اختيار الخليفة وفي طريقة الحكم
الشوروي وهو الذي شكك الشيعة وما أنحدر منهم من المعتزلة في أمر الإجماع
وحجيته.
وهكذا يجد أن الإجماع أدى أعظم خدمة للإسلام إذ فتح باب الاجتهاد
والشورى وسهل مواصلة العمل الذي قام به عليه الصلاة والسلام ، ولكن العصر الأول كما
رأيتم كان يمتاز بالتشاور في كل ما نص فيه فكان أهل الحل والعقد يشتركون في وضع أسس
تاريخية واجتماعية لمصدر الإجماع الشرعي فلما أنحرف المسلمون عن نظام الخلافة
"الشورى" واقتبسوا من الفرس نظاماً يقوم على أساس الحكم المطلق الوراثي.
الأمر
الذي أثار كثيراً من الانتقاد الذي أعلنه المجتهدون وقادة المسلمين فكان لابد من
تقييد النظر لحماية السلطة المطلقة الصاعدة وقدم أصحاب فكرة الإجماع الحقيقة كما
فهمها المسلمون الأولون وحدث حولها خلاف أبعدها عن محيطها الأصلي.
فالإجماع كما
يتحدث عنها منذ القرن السادس عبارة عن اتفاق الناس في كل بقعة من بقاع
الأرض. .
وذلك بالطبع ما تدل عليه نصوص الكتاب والسنة.
والجماع هو اتفاق
المجتهدين الموجودين ساعة البحث في أمر ما في ما لا نص فيه من كتاب وسنة وهو مبني
على أساس التشاور بين المؤمنين الذين حث عليه القرآن في قوله: "وشاورهم في الأمر"
وليس الإجماع أن يطلع كل مجتهد أو عالم على الوجه الأخر من المسألة ويبدي رأيه فيها
بالموافقة وتجتمع أفكار الناس كلهم فذلك مالا يظهر أن الصحابة رضي الله عنهم، فهموه
من الاتفاق الواجب عليهم في مسألة ما فما كان أبوبكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي
يتوقف عن تنفيذ قراراته بعد استشارة من حضر من علماء الصحابة إلى أن يستشير غيرهم
ممن هم موجودون في مختلف أصقاع المسلمين.
لذلك فالحق أن الإجماع هو عبارة عن
اتفاق هيئة شورى يعقدها الخليفة لتبين وجهة النظر في مسألة ما فإذا اتفقت كلها على
حكم شرعي فقد وقع الاجماع ووجب إتباعه في العمل وإن جاز لمن لم يحضر من أهل
الاجتهاد أن يبدي رأياً مخالفاً لكن العمل يجب أن يقع من طرف المسلمين بما اتفق
عليه الهيئة والمؤسف أن المسلمين لم يتموا تنظيم الإجماع على الطريقة التي تقتضيها
مبادئ الشورى الإسلامية والتي هدى إليها النبي "ص" فقد قال علي رضي الله عنه: "قلت
يا رسول الله الأمر ينزل بنا ليس فيه قرآن ولم تمض فيه منك سنة قال: أجمعوا له
العالمين من المؤمنين فأجعلوه شورى بينكم ولا تمضوا فيه برأي واحد".
"فهل أراد
النبي "ص" أن يتوقف كل شيء حتى يجتمع أهل العلم من سائر العالم الإسلامي ويبتوا في
الأمر؟ لوكان الأمر كذلك لتعطلت أحكام الشريعة.
الإجماع والاستبداد: الاستبداد
انحرف بالإجماع من مهمته السياسية وحوله إلى جدل. .
ويواصل الشيخ / الفاسي
تأملاته حول الإجماع والشورى والديمقراطية ويقول: ولكن الاستبداد السياسي الذي أصاب
نظام الحكم الإسلامي هو الذي حول التطور في تنظيم الشورى إلى مجادلات فارغة في حجية
الإجماع وإمكان وقوعه وعدم ذلك.
ولو استمر المسلمون في سيرهم الطبيعي لتكونت من
رجال الاجتهاد طائفة مخلصة قادرة بجانب كل خليفة من خلفاء المسلمين تشير عليه بما
يجب أن يعمل وتقرر له الحكم في كل نازلة طبقاً لمقتضيات الاستنباط من الكتاب
والسنة.
فهل تسمح ظروف الدول الإسلامية أن تجعل من أنظمتها الديمقراطية الحديثة
سبيلاً لبعث الشورى الإسلامية وتحقيق معنى الإجماع؟ وهل يقع نسخ الإجماع المختار
عند الجمهور التفصيل فالإجماع القطعي المتفق عليه لا يجوز تبديله والمختلف فيه يجوز
تبديله. .
وذهب أبو عبدالله البصري إلى جواز تناسخ الاجماعات فيبقى "الإجماع
الأول" حجة حتى يحصل إجماع آخ والأصلح أن يترك للإجماع مهمته كنظام للشورى بين
المسلمين يرجعون إليه كلما بدى لهم أمر أو حدث لهم حادث. .
نجد أن العلامة
المغربي قد وفق في إبراز أبعاد الإجماع السياسي بشكل غاية في الوضوح، أكد مع كثير
من علماء الإسلام على الجمع والتطابق بين مفاهيم "أولي الأمر" وأهل الشورى وأهل
الحل والعقد" وأن الإجماع أصل من أصول الدين وأن أولي الأمر وأهل الشورى هم العلماء
المجتهدون وأهل الرأي الذي يشكلون القيادة الفكرية وحتى السياسية للأمة الإسلامية
في الصورة المثالية للحكم الإسلامي والتي لا تتحقق دائماً إليهم يرجع الأمر في
رعاية المصالح العامة للمسلمين فمن بينهم يكون الأمير ويتولون إعانته على تسيير
شؤون الحكم، سواء من خلال سن القوانين أو النصح والرقابة ورسم السياسات العامة
ويتعهد الأمير أمامهم بإنفاذ الأحكام المصرح بها في النص الثابت وبمشاركتهم في
التصدي للأوضاع المستجدة كما سيأتي على اعتبار أن الإجماع هو نظام الإسلام للشورى
فيما سكت عنه أو اختلف فيه النص وإلى قريب من هذا الرأي فإن أهل الحل والعقد عندهم
أصحاب الرأي والعلم وموضع الثقة من طبقات الأمة المختلفة. .
فليس هناك فرق كبير
بينهم وبين أعضاء المجالس النيابية في النظم الدستورية الحديثة. .
فالنواب هم
مصدر القوانين كلها بلا استثناء والأمر كذلك في الإسلام إلا فيما جاء فيه نص محكم
من القرآن أو سنة ثابتة عن الرسول فإن هذا لا رأي فيه لأهل الحل والعقد مطلقاً إلا
في فهم تلك النصوص وتقدير ظروف تنزيلها على الواقع.
أن مصدر السيادة هو التشريع
الذي يؤخذ من الكتاب والسنة الصحيحة إذا أسعفت النصوص والذي في مالا نصوص فيه
لا يتعارض مع روح هذين الأصليين المقدسين ومقاصدهما ومن الطبيعي أنه لا بد للسيادة
من يمثلها وهنا نقول أن الذي يمثلها هم أهل الحل والعقد نيابة عن الأمة كلها وحينئذ
تكون قراراتهم والقوانين التي تصدر بناء على ما يتفقون عليه صحيحة شرعاً وملزمة
للأمة جمعاء.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد