;

كيف تعثر البشرية على مقاييس واضحة للعدل ..الحلقة «السادسة عشر» 1268

2010-03-17 03:50:38

صفحة من
كتاب


إن طاعة المسلم محكومته ليست طاعة
لشخص الحاكم بل هي طاعة لنصوص الشريعة يستحق عليها ثواباً وإن تمرده على تلك
الأوامر الملتزمة بدستور الدولة "الشريعة" يجعله آثماً.
وهكذا فصل الإسلام في
العلاقة بين الدولة والقانون فجعل التزام أحكام القانون أساساً لمشروعية الدولة
وجعل الحاكم فيما يتخذه من قرارات وإجراءات وفيما يصدره من أوامر مقيداً بأحكام
الشريعة
الإسلامية أي بأحكام القانون
وبذلك أسقط الإسلام عن المحكومين واجب طاعة السلطة الجائرة وأخطر مراتب الخروج عن
حكم الشريعة الإسلامية ترك التعبد بأوامرها وهو أمر لا يهم غير الأغلبية المسلمة
أما الأقليات غير المسلمة من مواطنيها فالشريعة بالنسبة إليهم ليست شيئاً آخر غير
كونها قانوناً منظماً للجماعة السياسية.
الفصل بين إرادة الحاكم والقانون: تعتبر
الدولة التي أنشأها الرسول "ص" في المدينة من وجهة النظر الدستورية "أقدم صورة
للدولة كتنظيم للاجتماع السياسي ذلك أنه قد تقرر فيها لأول مرة المبدأ المعروف
بمبدأ الشرعية أو مبدأ خضوع الدولة للقانون ذلك أن الأحكام الشرعية أو القانونية
التي جاء بها الوحي في القرآن أو السنة هي أحكام صادرة عن سلطة أعلى من سلطات
الدولة جميعاً".
فكانت دولة الإسلام أول دولة في تاريخ الدنيا عرفت مبدأ الشرعية
أي الفصل بين إدارة الحاكم وبين القانون وعلوية إدارة القانون على إرادته فالدولة
شيء ورئيس الدولة شيء آخر فلو مات رئيس الدولة فالولاة كلهم نافذة أحكامهم حتى
يعزلهم الإمام الجديد بلا خلاف في ذلك من أحد من الصحابة مما يدل على أن الشريعة
الإسلامية قد عرفت الشخصية الحاكمية الحقوقية للدولة على حين ظلت الحضارات كلها بما
بها حضارة الغرب حتى القرن الثامن عشر تكافح من أجل الفصل بين إرادة الحاكم
والقانون من خلال ثورات متتالية لإقرار مبدأ الشرعية أي خضوع الحاكم نفسه للقانون
واستمداد القانون من سلطة تشريعية تعلوه أو سيادة القانون.
على حين ظل الغرب
يبحث لاهثاً عن القيم الأساسية للمجتمع التي ينبغي على النظام القانوني للدولة أن
يعبر عنها ويحترمها ولكن دون جدوى فالقانون الطبيعي مفهوم غامض وإعلانات حقوق
الإنسان رغم شكلانيتها وعدم استيعابها بكفاءة مختلفة أبعاد الإنسان تظل قيمتها في
الغالب توجيهية الأمر الذي ترك قيمة العدل وهي غاية كل تقنين غير محددة المضامين
وجعل التشريع في غير منجاة من مصادمة الأخلاق بتسخير الحكم لفائدة الطرف القوي في
الدولة المالك حق سن القوانين مقابل ذلك وحدة الدولة الإسلامية الشريعة الإسلامية
نصوصاً ومقاصد ومضامين ثرية للحكم ومقاييس واضحة للعدل ذلك أنه إذا كانت غاية
القانون التعبير عن قيم العدالة فإن مقاييس تلك العدالة إما أن تكون من وضع المتغلب
وذلك هو حكم الطبيعة أو أن تكون من وضع الشرع وذلك هو حكم الإسلام.
حكومة
القانون العادل: ولاشك أن شريعة الله الصادرة من العليم العادل الرحيم هي وحدها
تقدم للبشرية مقاييس واضحة للعدل..
يستهدي بها المشرعون..
فلا تكون حكومة
الإسلام حكومة القانون وحسب بل حكومة القانون العادل وهو قانون لم تضع أسسه أغلبية
في شعب ولا طبقة مهيمنة ولا شعب ليتهم بالتحيز وإنما رب الجميع ويقوم على إنفاذه
وشرحه وتنزيله على الوقائع المتجددة بتشريعات مفصلة هيئات بشرية تختارها الأمة
وتراقبها وتكون لها السيادة عليها توليةً ومراقبة وعزلاً..
وتلك هي سلطة الأمة
أي الشورى.
بالنسبة للشورى..
ما موقع الأمة في الحكم الإسلامي؟ * الشورى ليست
فرعاً في النظام: أ) في القرآن الكريم: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم
الآخر".
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"،
"وأمرهم شورى بينهم"، "وشاورهم في الأمر".
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له
الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا".
ب)
الحديث: "ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، "يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في
النار".
والشورى: أن الشورى هي الأصل الثاني للنظام الإسلامي بعد
النص.
والشورى هي بذاتها نص: نص على الإقرار للأمة المستخلفة بحقها في المشاركة
العامة في شؤون الحكم بل أن ذلك من واجباتها الشرعية إذ الشورى علم على دولة
الإسلام وأمة الإسلام ولهذا لو قلت إنها دولة الشورى وأمة الشورى لهديت إلى الحق
وقد تفرد الإسلام بهذا المبدأ الأصيل وأقره سلوكاً عاماً في المجتمع وأسلوباً في
إدارة الشؤون العامة حتى أن المفسر الكبير الأندلسي القرطبي ربط به شرعية الحكم إن
الشورى في الإسلام ليست حكماً فرعياً من أحكام الدين يستدل عليه بآية أو بآيتين
وبعض الأحاديث والوقائع وإنما هي أصل من أصول الدين ومقتضى من مقتضيات الاستخلاف أي
أيلولة السلطة الربانية إلى العباد الذين أعطوا الميثاق إلى الله أن يعبدوه ومن ثم
كانت الشورى العمود الفقري في سلطان الأمة ونهو منها بأمانة الحكم على أساس
المشاركة والتعاون والمسؤولية وهي مشاركة خولها الله لأمته في مستوى التشريع
والتنفيذ في تأسيس الحكم والتشريع له والقوامة عليه والانتفاع بثماره فما هي مجالات
هذه المشاركة؟ أ) المجال التشريعي أساس نظام الإسلام السياسي والاجتماعي والديني
كما انه حجر الزاوية القانوني في الدولة الإسلامية والدستور الإسلامي حتى أن
الشافعي اعتبر انه لو لم ينزل غير هذه الآية لكفى في مادة الدولة الإسلامية فهي
تحدد وضع مركز السلطة العليا في حياة المسلمين وأنها لله فلا يطاع مخلوق في معصيته
وإن طاعة الرسول "ص" هي الشكل العملي لطاعة الله وأن طاعته لله، ثم تأتي سلطة الأمة
ومجال نفوذها المشروع لا يخرج عن تشريعات الله الواردة في الكتاب والسنة فكل من له
سلطة من المسلمين من عالم وحاكم وزعيم سياسي وقاض ومدير ومعلم باختصار كل من له
مسؤولية يجب أن يطاع في مجاله طالما أدى أمانته في حدود الشرع وكل نزاع يحدث سواء
كان بين الأفراد والسلطات يجب التسليم أن مرجع الحسم فيه الكتاب والسنة لأن القرآن
والسنة هما القانون الأعلى الذي يحكم سلوك أولي الأمر وعامة المسلمين على السواء
وهما الحاكمان على كل حكم اجتهادي مستحدث إذ ينبغي ألا يتعارض مع نص وأن يحقق مقاصد
الشريعة ومبادئها العامة والناس سواء أمام شرع الله ولاشك أن الرد إلى الله وإلى
رسوله يقتضي وجود هيئة نافذة أحكامها لتتولى عملية الرد والاستنباط وقد تكون هيئة
محكمة عليا تكون من كبار القضاة أو"العلماء".

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد