;

* أستاذ مساعد بكلية الطب والعلوم الطبية- جامعة صنعاء العولمة جعلــت من العالم جزراً منفصلة ..الحلقة الثالثة 986

2009-09-22 07:55:24

العولمة
بشكلها الراهن وقواعدها المعاصرة. .
مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملكية الفكرية، والتحكم بوسائل الاتصال الدولة،
واحتكار إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن
احتكارها يمكن الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في
العالم أجمع.
. يتناول هذا الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط
بها من مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما
صاحبها من تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور
الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية
وحقوق الإنسان.
الكتاب الذي ترجمة الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس
الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين
وهارالدشومان " وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفكار الملتهية حول
العولمة والتي تدور الآن بين المثقفين العرب.
في وكر العولمة تنمو البطالة ويتسع
الحرمان أشرنا في الحلقة السابقة كيف أن الانفتاح التام على السوق المالي أجبر
الدولة على التنافس في تخفيض الضرائب وتقليص الأنفاق الحكومي وخصخصة مشروعات الدولة
والتضحية بالعدالة الاجتماعية.
وهكذا تتحول الدعوة إلى الانفتاح على السوق
النقدي والمالي العالمي إلى أيديولوجية صارمة يجب أن يخضع لها الجميع، وإلا فقانون
الغاب سيتكفل بالعتاب،وكل دول العالم تقريباً أخذت تحت تأثير الضغوط التي تمارسها
المنظمات الدولية في تطبيق سياسات الانفتاح المعولم.
وقد أشار المؤلفان في هذا
السياق إلى نقطة مهمة لا يلتفت إليها عادة غالبية الكتاب ، وهي أنه حينما يبدأ
البلد في الانصياع لتلك السياسات ، والخضوع لمنطق أسواق النقد والمال العالمية ينظم
الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال من أبناء البلد إلى قائمة المقيمين للسياسات
الاقتصادية في بلدهم، وكيف لا يحدث هذا وهم الأن في وسعهم استثمار أموالهم في أي
مكان في العالم؟ وتناول المؤلفات قضية على جانب كبير من الأهمية ولها علاقة وثيقة
بالعولمة ألا وهي قضية النمو المطرد للبطالة وما يرتبط بها من تقليص في قدرة
المستهلكين وأتساع دائرة المحرومين فتحت تأثير الركض المحموم وراء الأرباح المرتفعة
التي أصبحت تتحقق في الأسواق النقدية والمالية ، راحت جميع القطاعات تتنافس وتتصارع
من أجل خفض كلفة الإنتاج وكان التنافس ضارياً والضغط شديداً على عنصر العمل للوصول
ببند الأجور إلى أدنى مستوى ممكن.
لم يعد الأمر يقتصر على ذوي الياقات الزرقاء
الذين أبعدوا عن أعمالهم بعد أن حلت الآلات الحديثة والمتطورة مكانهم في مواقع
الإنتاج المادي بل أمتد الأمر ليشمل أيضاً ذوي الياقات البيضاء "مهن الطبقة
الوسطى"، حيث توالت عمليات إعادة هندسة عنصر العمل والاستخدام الموسع لأجهزة
الكمبيوتر ، مهمة الاستغناء عن عشرات الآلاف من الوظائف والمهن التي كان يقوم بها
هؤلاء، وكانت "مذبحة العمالة" قاسية جداً في البنوك وشركات التأمين.
بل أن
المؤلفين يشيران إلى أنه حتى في قطاع صناعة برامج الكمبيوتر ، بدأت كبرى الشركات
المتخصصة في هذا المجال في إحلال العلماء الهنود ذوي المرتبات المتدنية مكان
العلماء الأمريكيين، وحينما ضايقتهم الحكومة الأمريكية في هذا السلوك ،نقلت هذه
الشركات جزء من أنشطتها إلى نيودلهي، وهكذا سواء تعلق الأمر بصناعة الصلب أو
السيارات، أو المواد الكيماوية أو الأجهزة الإلكترونية أو بالبريد أو بشبكة
الاتصالات الهاتفية، أدت حرية انتقال السلع ورؤوس الأموال عبر الحدود دون أي قيود ،
إلى ا لعصف بالعمالة والإطاحة بها بعيداً إلى الشوارع الخلفية للبطالة ويرى
المؤلفان ، إنطلاقاً من هذا أن المنافسة المعولمة أصبحت "تطحن الناس طحناً" وتدمر
التماسك الاجتماعي وتعمل على تعميق التفاوت في توزيع الدخل والثروة بين
الناس.
تعارض الديمقراطية والسوق وقد أولى المؤلفان قضية العلاقة بين
الديمقراطية والسوق أهمية خاصة وهي العلاقة التي يعتقد مروجو قيم العولمة أن طرفيها
متلازمان لا يفترقان، حيث يرون أن الديمقراطية تتطلب السوق كما أن السوق يتطلب
الديمقراطية لكن المؤلفين يعتقدان أن اقتصاد السوق والديمقراطية ليس هما الركنين
المتلازمين دوماً، اللذين يعملان بانسجام لزيادة الرفاه للجميع ، وأن الأمر الأقرب
إلى الحقيقة هو التعارض بين الديمقراطية والسوق.
ويستمدان في ذلك إلى خبرة
التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تجرى الآن في مختلف بلاد العالم في ضوء
السياسات الليبرالية الجديدة، التي تستند إليها العولمة، فالديمقراطية التي يجرى
الدفاع عنها الآن هي تلك التي تدافع عن وتحمي مصالح الأثرياء والمتفوقين
اقتصادياً وتضر بالعمال وبالطبقة الوسطى ، وهو ما نراه في الدعوة إلى التخفيض
المستمر للأجور وزيادة ساعات العمل وخفض المساعدات والمنح الحكومية تحت حجة "تهيئة
الشعوب لمواجهة سوق المنافسة الدولية".
ويرى المؤلفان أن أبعاد الدولة عن التدخل
في الحياة الاقتصادية وتجاهل البعد الاجتماعي، تحت دعوى أن "السوق ينظم نفسه
بنفسه"، وأن كل أمر يأخذ بحسب إنتاجيته ، ستؤدي إلى تدمير الاستقلال
الاجتماعي.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد