;

فخ العولمة.. الاعتداء على الديمقراطية والرفاهية .. الحلقة الأولى 1058

2009-09-20 03:00:45

العولمة
بشكلها الراهن وقواعدها المعاصرة. . مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملكية الفكرية، والتحكم بوسائل الاتصال الدولة، واحتكار إنتاج البذور الزراعية
المعدلة جينياً، باعتبار أن احتكارها يمكن الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة
على أنتاج المواد الغذائية في العالم أجمع.


. يتناول هذا الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور
عقلاني شامل يحيط بها من مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة
للعولمة وما صاحبها من تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء
وتقليص دور الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية
والديمقراطية وحقوق الإنسان.

الكتاب الذي ترجمة الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب بالكويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان "
وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفكار الملتهية حول العولمة والتي تدور
الآن بين المثقفين العرب.
العولمة تضع اقتصاد العالم في مهب الريح المؤلفان في
الحقيقة يسعيان إلى إعادة طرح " مشروع دول الرفاه" ولكن في صيغة معدلة، فقد طرحا
مجموعة من الطروحات المهمة التي تستحق التأمل والتفكير لفهم قضية العولمة من منظور
يختلف عن المنظور الزائف الذي غالباً ما تطرحه علينا وسائل الإعلام المختلفة، وأول
هذه الطروحات هو أن العولمة من خلال السياسات الليبرالية الحديثة التي تعتمد عليها
إنما ترسم لنا صورة المستقبل بالعودة إلى الماضي السحيق للرأسمالية.
فبعد قرن
طغت فيه الأفكار الاشتراكية والديمقراطية ومبادئ العدالة الاجتماعية تلوح الآن في
الأفق حركة مضادة تقتلع كل ما حققته الطبقة العاملة والطبقة الوسطى من مكتسبات،
وليست زيادة البطالة وانخفاض الأجور وتدهور مستويات المعيشة،وتقلص الخدمات
الاجتماعية التي تقدمها الدولة ، وإطلاق آليات السوق وابتعاد الحكومات عن التدخل في
النشاط الاقتصادي وحصر دورها في حراسة النظام، وتفاقم التفاوت في توزيع الدخل
والثروة بين المواطنين.
وهي الأمور التي ترسم الآن ملامح الحياة الاقتصادية
والاجتماعية في غالبية دول العالم كل هذه الأمور ليست في الحقيقة إلا عودة إلى
الأوضاع نفسها التي ميزت البدايات الأولى للنظام الرأسمالي إبان مرحة الثورة
الصناعية "1750 1850" وهي أمور سوف تزداد سوءاً مع السرعة التي تتحرك بها عجلات
العولمة المستندة إلى الليبرالية الحديثة.
العولمة لن تكون مشروعاً ناجحاً
عادلاً يضم أنداداً إلا أذا أمنت الدولة ومن قواعد القوانين الدولية ومن اتفاقيات
منظمة للتجارة الدولية. .
فبأي حق تنتقص واشنطن الاتفاقيات الخاصة بتحديد التجارة
الخارجية فتفرض الرسوم الجمركية على واردات الصلب والحديد ثانية؟ وأي حق يجيز
لواشنطن ولصندوق النقد والبنك الدوليين قرض نظام اقتصادي اجتماعي على العالم يتعارض
كلية مع مبدأ التكامل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد؟ وبأي حق تضع الولايات
المتحدة الأمريكية نفسها فوق القانون فتعرض على العالم أجمع إلا يخضع مواطنوها
لأحكام المحكمة الجنائية الدولية التي يدافع عنها الاتحاد الأوربي بقوة وشن واشنطن
حملة دولية مكثفة ضدها؟ أهناك استهتار بالمساواة أمام القانون أشنع من هذا
الاستهتار؟ وبأي حق تجيز واشنطن لنفسها رفض التوقيع على برتوكول كيوتو الخاص بالحد
عن انبعاث غازات الدفيئة، معرضة بذلك العالم أجمع إلى تغيير المناخ العالمي وما
يصاحب هذا التغيير من اختلالات اقتصادية لها مخاطر عظيمة على اقتصاديات دول العالم
أجمع وعلى اقتصاديات الدول النامية بشكل خاص.
أممية رأس المال وتبدوا قتامة
المستقبل الذي سيكون صورة من الماضي المتوحش للرأسمالية في فجر شبابها إذا ما سارت
الأمور على منولاها الراهن، حينما يشير المؤلفان إلى أنه في القرن القادم سيكون
هناك فقط 20% من السكان الذين يمكنهم العمل والحصول على الدخل والعيش في رغد وسلام
أما النسبة الباقية 80% فتمثل السكان الفائضين عن الحاجة الذين لم يمكنهم العيش إلا
من خلال الإحسان والتبرعات وأعمال الخير.
وإزاء هذا التدهور الحادث في أوضاع
العمال والطبقة الوسطى ومختلف الشرائح الاجتماعية محدودة الدخل راح المؤلفان
يتحدثان عما يسمى ب"دكتاتورية السوق والعولمة" وذلك على ضوء ما يروج له منظرو
العولمة من أفكار ومقولات وسياسات، فقد دأب هؤلاء المنظرون على إطلاق تعميمات ذات
طابع غير ديمقراطي وشمولي وغير مبرر علمياً كالقول مثلاً: إن مراعاة البعد
الاجتماعي واحتياجات الفقراء أصبحت عبئاً لا يطاق وإن دول الرفاه تهدد المستقبل
وأنها كانت مجرد تنازل من جانب رأس المال إبان الحرب الباردة ، وأن ذلك التنازل لم
يعد له الآن ما يبرره بعد انتهاء هذه الحرب، أو القول مثلاً: "على كل فرد أن يتحمل
قدراً من التضحية حتى يمكن كسب المعرفة في حلبة المنافسة الدولية" أو الإدعاء بأن
شيئاً عن اللامساواة بأن أمراً لا مناص منه. . .
وقد وجدت هذه الأفكار انعكاسها
الواضح في السياسات الاقتصادية اللبرالية التي تطبع الآن في مختلف دول العالم من
دون مشاركة الناس أو موافقتهم على تلك السياسات.
وفي ضوء التوحد الذي أصبح يجمع
بين مصالح رؤوس الأموال بشكل لافت للنظر يعتقد المؤلفان أن هناك الآن ما يمكن أن
يسمى ب" أممية رأس المال" فهم يهددون بهروب رؤوس أموالهم ما لم تستجب الحكومات
لمطالبهم وهي مطالب عديدة مثل منحهم تنازلات ضريبية سخية ،تقديم مشروعات البنية
التحتية لهم مجاناً ، إلغاء وتعديل التشريعات التي كانت تحقق بعض المكاسب للعمال
والطبقة الوسطى مثل قوانين الحد الأدنى للأجور ومشروعات الضمان الاجتماعي والصحي
وإعانات البطالة بما يقلل لهم مساهماتهم المالية في هذه الأمور ، وخصخصة المشروعات
العامة وتحويل كثير من الخدمات العامة التي كانت تقوم بها الحكومات كي يضطلع بها
القطاع الخاص، وإضفاء الطابع التجاري عليها.
يشير المؤلفان إلى أن انهيار
النموذج الاشتراكي ساعد على انتشار هذه الأممية التي لم تعد تعبأ بشيء إلا
بالربح.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد