ما أروعك أيها الشهر الفضيل وما أبرك أيامك التي سرعان ما تنقضي وتفارقنا يوماً بعد يوم، مما تجعلنا نتحسر ونندم على كل يوم يمر بنا دون أن نجني ونقتطف من ثمارك التي لا تزيدنا إلا قرباً من الله عز وجل وتمسكاً بما أمرنا وتجنباً عن كل ما نهانا عنه، أجل أيه الشهر الكريم إن القلوب ستقطر دماً إذا فاجئتنا برحيلك ونحن في لهو وسخب نبحث كالمجانين عما يمتعنا ويقضي لنا أوقاتك المباركة في غير ما يرضي ذو العزة والجبروت، صاحب هذا الشهر العظيم والذي قال: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به"، يا ترى لماذا يجعل البعض من هذا الشهر المبارك فترة راحة وتفاهة ويستغله الاستغلال السيء في غير ما أمر الله به، ونحن عندما نقول البعض لا نقصد بذلك أشخاصاً معينين يسيئون استغلال هذا الشهر العظيم فيما يخصهم ويحرمهم ثوابه وبركته، ولكن المعنى أشمل من ذلك وبالدرجة الأولى، أولئك الذين يحرمون أنفسهم الأجر والثواب ويقودون غيرهم من ملايين الناس إلى التقصير في إكرام هذا الضيف العزيز على قلوبنا "شهر رمضان المبارك" وذلك بسبب ما يساعدهم أو يدعوهم إلى إهدار الوقت دونما فائدة وأيضاً ما يجرح الصوم من مسلسلات هابطة تبنتها قنوات عربية اختصاصها محاربة الفضيلة ونشر الرذيلة في بيوت العرب والمسلمين، إننا لنعجب حقاً كيف يحارب الإسلام من قبل مسلمين مولودين على فطرته، وناشئين في كنفه ومتشبعين بتعاليمه وما جاء من أجله، أهكذا وبمثل هذا النهج المعادي لشريعة الله ونهجه أيمكن أن نحقق لشعوبنا المكبلة بقيود اليهود والنصارى الآثمة التي تحكم أقفالها على أقدام شباب وشيوخ وأرحام أبناء وأحفاد صلاح الدين الأيوبي وهارون الرشيد الذي خاطب إمبراطور الروم في رسالته إليه ونعته بكلب الروم، وقال له: الجواب ما تراه لا ما تسمعه، وبعد هذا أيمكن أن نحقق لشعوبنا استقلالها واستعادة عزتها وكرامتها ونحن نعمل بل نجاهد على أن يكون إخواننا الذين حكمت عليهم الأقدار بالموت ذلاً وهواناً معزولين عنا تماماً، فعلاً لقد تخلينا عنهم وعملنا على عزلهم، وتركناهم يصارعون جبروت الظلم وطغيانه وحيدين وكأنهم لا يعنون لنا شيئاً، لقد تفرغ أسياد المال من العرب إلى كيف يجعلون من شعوبهم وأوطانهم مسارح للهو واللعب تحقق لعقيمي العقول وما يقضي رغباتهم الشيطانية التي تجعلهم يلهثون وراء مصالحهم وشهواتهم وتبعدهم كل البعد عن شيء يقال له فلسطين وعن أم يطلق عليها غزة، أجل غزة هذه الأم التي أنهكها سوط الجلاد الباغي الذي يبرحها ضرباً وتدميراً ويفتك بأبناءها وبناتها على مرأى ومسمع من العالم وهي المسكينة تستغيث وما زالت تملك أملاً في استجدائها بأبنائها العرب، مسكينة غزة، يبدوا أن سياج الغاصب قد ساعدها على عدم معرفة حقيقة من تناديهم وتستنجد بهم، هنيئاً لكم يا أسياد المال ذلك النعيم الذي أنتم فيه، أما غزة فلا يشرفها أن تحضروا جنازتها إذا ماتت.