حبيبي ونور عيني، أبعث إليك بهذه الرسالة وقلبي يحترق شوقاً إليك، لا أعرف يا سيدي كيف أبدأ معك، هل أهنئك بقدوم الشهر المبارك، الذي سيحل عليك وعلينا قريباً، وأنا أعلم أن حلوله علينا وأنت في هذه الحالة من الكمد والحزن بسبب أبناءك الذين لا يستطيعون الوصول إليك لتقبيل جبينك والسجود في راحة يديك، أم أعزيك لما حل بك من نكسة موجعة كادت أن تودي بك لولا عناية الله وتعهده بحفضك إلى حين يشاء. . . حبيبي، إن ما حل بك مؤخراً من شتات وسفك وتحطيم وخيبة أمل عارمة وقتل أبناءك لبعضهم، إني لأشعر بحق حجم هذا العصيان المؤلم من أبناء هانت عليهم دموعك وتناسوا لهفتك وولوعك حبيبي، لظى الجمر يزداد في قلبي يومياً بعد يوم وإن دموعي قد رسمت طريقها على وجهي، أيها الغالي البعيد، الحزن قد تملكني، الألم بلغ ذروته فيني. . حبيبي الحنين حيلتي قليلة وقوتي ضعيفة وبعدك مضن، وتقصيري كبير تجاهك، أتوسل إليك يا سيدي أن تقبل عذري، فأنا أعرف جيداً رغم ما حولك من ضيق وما فيك من ألم وحزن إلا أن قلبك كبير وصدرك أرحب وثقتك بالله كبيرة، أيها القدس الغالي أيها المقاوم الصلب الذي لم يتزعزع أبداً، لم ننساك يوماً ولن ننساك أبداً فأنت في أرواحنا وقلوبنا حتى وإن خذلك من ناديتهم، فهم لا يمثلون إلا أنفسهم فلا تأسف عليهم ولا تحزن، فما هم إلا أموات ورماد أسود يحركه نفسُ الشيطان كيف يشاء، أيها الغالي الجريح، لم أكن أرغب أبداً أن أواجهك بهذه الحقيقة المرة وحال العرب اليوم، أنهم فعلاً كثرأ ولكنهم كغثاء السيل أصبحت قوتهم وسلاحهم لا يوجه إلا على بعضهم، أصبحت دماءهم تسفك بأيديهم وكرامتهم أباحها سفهائهم، لقد جعلوا من أنفسهم دمى رخيصة يحركها شياطين الأراض كيف شاءوا وحيث ما أرادوا، إن النخوة والعزة قد انتزعت إلامن القليل الذين يصارعون طمع هؤلاء الشياطين وجبروتهم، ويحاولون يا سيدي أن يقفوا إلى جانبك ويضمدوا جراحك ويخففوا عنك بعض ما تحمله من ضيق وقهر وخيبة أمل أحدثها من كنت تستند إليهم وتثق بهم. إن أبناءك أيها الحبيب، قد أغرتهم الدنيا وأغوتهم أنفسهم الضعيفة فسخروا عدتهم ليقتلوا بعضهم، ويتفاخروا بتلك المواجهات والاتهامات فيما بينهم أصبح أصحاب الوطن الواحد والأرض الواحدة يدعي كل فريق منهم أنه المالك الحقيقي للوطن ومقدساته، ولا نستطيع إلا أن نقول صبراً أيها المقاومون الشرفاء، وأما المتخاذلون والعملاء فنقول لهم ما قال ربنا جلا وعلا" ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"، وأخير يا سيدي، لا نملك إلا أن نقول صبراً جميلاً والله المستعان على ما يصفون.