ما هي إلا أيام ويحل علينا بإذن الله تعالى ضيف كريم عندما يأتي نتمنى ألا يرحل عنا، فبقاءه مؤنس وصحبته بركة وأيامه لا أجود ولا ألذ منها أبداً، إنه شهر رمضان المبارك الذي أوله مغفرة وأوسطه رحمة وآخره عتق من النار، إنه الشهر الكريم الذي نزل فيه خير كلام الله عز وجل على خير خلقه أجمعين، حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونحن ننتظر قدوم ضيفنا المبارك نعيش أسئلة عديدة تتعلق بلقمة العيش، ونفوذ التجار وتسلطهم على المواطن المسكين من خلال الرفع الموسمي للأسعار والاحتكار المؤقت لبعض متطلبات الحياة اليومية كالغاز والوقود بأنواعه، وكأن شهر رمضان المبارك موسم للهبر والاحتكار وفرض زيادة في الأسعار سواءً قبل المواطن بذلك أم لم يقبل.
إن مثل هذا الاستغلال السيء لظروف المواطنين من قبل بعض التجار الذين قد ربما هم بعيدون جداً عن شيء يسمى شهر الرحمة والغفران، بعيدون عن الشهر الذي خصه الله سبحانه وتعالى له فقال: "إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به"، ألا يعلم هؤلاء التجار أن الصوم ليس الامتناع عن الأكل والشرب فقط، الصوم هو طلب الرضا من الله والتقرب إليه بالأعمال التي تزيد من صاحبها وقاراً وتجلب إليه رحمة الله ورضاه. إن مساعدة الناس والوقوف إلى جانبهم ومنع أي أذى أو متاعب تصيبهم سواءً من ناحية الغلاء وارتفاع الأسعار أو من ناحية احتكار السلع ومتطلبات الناس الضرورية، من أجمل ما يمكن أن يتقرب به الإنسان المسؤول الذي بيده الفعل إلى الله عز وجل.
والناس في هذه الأيام يمرون بظروف حالكة ولا يحتملون المزيد من هذه الأوجاع الاقتصادية المتمثلة بغلاء الأسعار واحتكار السلع، فبدل أن كان الناس ينتظرون قدوم شهر رمضان المبارك بشوق عارم أصبح اليوم اشتياقهم لهذا الشهر الكريم مصحوب بقلق وتخوف مما سيعده التجار لهم من مفاجئات غير مرغوب بها، أيه التجار اتقوا الله الجبار، واعلموا أن هناك جنة ونار فويل للفجار وهنيئاً للأبرار، وأعلموا أن حالكم ومآلكم وسقمكم وعافيتكم بيد الواحد الديان، رفقاً بهذا الشعب، ولا تجعلوا حاجزاً منيعاً بين الناس وقوتهم، نشكر الحكومة على ما تبذله من جهود حول استقرار وثبات الأسعار، ونتمنى أن تكلل هذه الجهود بالنجاح، كما نتمنى أن تفعِّل القوانين الخاصة بالمتلاعبين في أسعار السلع، وأن يكون هناك شيء من الضبط والربط والتعامل بجدية مع كل المستهترين والمتلاعبين بأسعار السلع واحتكارها، فشهر الخير قادم وينتظر قلوباً بيضاء تسعى للبذل والتسابق إلى فعل الخيرات واحترام هذا الشعب وتقدير ظروفها وإيجاد استقرار وثبات في الأسعار من أروع ما يمكن أن يساهم به التجار لفعل الخير، وسيجدون ذلك عند الله عز وجل في الدنيا والآخرة، وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه أو تأباه وتذمه أو تمدحه وفق ما يتحقق بينه وبين الله تعالى، فإنه يكفيه كل هم ويدفع عنه كل شر.