بعد عام تقريباً على اختطاف شقيقي الصحفي توفيق المنصوري وزملائه الثمانية من فندق بصنعاء في منتصف عام 2015م، التقيت بأحد قيادات المليشيات الحوثية واسمه " أبو حسين وينتمي إلى محافظة عمران " عرفني عليه صديقي وذلك للتوسط من أجل الإفراج عن توفيق أخي مقابل مبلغ مالي، وعندما كنت أتكلم عن شقيقي الصحفي توفيق أنه مختطف كان "أبو حسين " يعدل على كلامي بالقول "مسجون" وليس مختطف حد تعبيري، وأن الإعلاميين لا يمكن الثقة بهم في أي وقت ومهنتهم أسوأ مهنة، بنظر أبو حسين. الشاهد أنه عندما وصلنا إلى لب الموضوع وهو الإفراج عن توفيق شقيقي فقط دون زملائه، لأنه سيتعاون معي أنا إكراماً لصاحبه وأنا لست معني بالآخرين، حسب كلام الوسيط أبو حسين، لتظهر بعد ذلك علامات الانتشاء والزهو على ملامح الوسيط الذي تكلم بتباهي منقطع النظير عن لقاءاته المتعددة "بالمسؤول عن هذه القضية وهو رئيس اللجنة الثورية الأستاذ محمد علي الحوثي" والكلام لأبي حسين -الوسيط. ولكي يزيد من ثقتنا بكلامه، قال إنه قد حل كثيراً من هذه القضايا التي يعجز أصحابها عن حلول لها عند المسؤولين الصغار، ولكن معرفته الشخصية ب "أبو أحمد" الذي لا ترفض توجيهاته في أي مكان، ساعد في حل مشاكل كثير من الدواعش. وأضاف الوسيط أن القضايا ذات الأهمية الكبيرة -وقضية الصحفيين تدخل ضمنها- تتأخر بعض الوقت لأنه لا يقطع فيها "أبو أحمد"، بل يناقشها مع السيد ولكنه، أي محمد الحوثي، له الفصل الأخير فيها وإن شاء الله يكون مزاجه سابر من الإعلاميين هذه الأيام، قالها الوسيط وهو يهز رأسه بتكلف. كنت أتحدث معه بنوع من الحذر وانتقي المفردات والمسميات بعناية لكي تناسب المهمة والغرض، وحين سألته متى سيرد لي خبر عن الموضوع؟ رد أنه يستطيع أن يطرح الموضوع اليوم لأبي أحمد، لكنه سيختار وقت مناسب معه لهذه القضية. ويبدو أنه وقف أمام محمد علي الحوثي ولم يكد يتحدث عن قضية الصحافيين المختطفين حتى اصطكت يد ميجالو على خده وأردته أرضاً، لتدخله في القضايا الكبيرة كما سماها لنا. استنتجت هذه الفرضية من الأعذار الواهية والساذجة التي كان يسوقها لصديقي كلما فاتحه بالموضوع. مرت السنة والسنتين والثلاث وهذه سنة رابعة وشقيقي الصحفي توفيق المنصوري وزملاؤه التسعة في سجون الميليشيات الحوثية، يذوقون صنوف التعذيب الجسدي والإرهاب النفسي على يد العصابات الحوثية التي تتلقى أوامرها من محمد علي الحوثي وعبد الملك الحوثي، ولم يلتفت لهم أحد من المنظمات الدولية أو المعنيين بحرية التعبير وحقوق الإنسان. وفي خضم الصراع الإقليمي والدولي الإعلامي أقرب منه للعسكري، انبرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية بنقل وجهة نظر العدو الأول للصحافة والصحفيين في اليمن والمسؤول المباشر عن اختطاف وتعذيب العشرات من الصحفيين والإعلاميين في صنعاء وتعز وذمار وإب والمحافظات الأخرى، والذي بأوامره قضت العصابات الإرهابية على حرية الصحافة وجففت منابع الرأي والتعبير وحولت صنعاء إلى ثكنات إعلامية ذات رأي واحد وصوت واحد وصورة واحدة، لتكشف لنا بذلك زيف الادعاءات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان التي تدعي جديتها في حماية الإنسان في أي مكان من العالم ومعاقبة المتورطين في الانتهاكات وليست مكافأتهم بالترويج لأفكارهم اللامية الهدامة.
وضاح محمد
جلاد الصحافة اليمنية كاتباً للواشنطن بوست 793