لقد كان أول من وصل الى اليمن من أدعياء الزيدية هو إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، وذلك في 200 هـ. ولقد لقب المؤرخون بمن فيهم المؤرخون الشيعة الزيدية هذا القادم الجديد بلقب (إبراهيم الجزار) وذلك لكثرة ما قتل من اليمنيين وسفك من دمائهم وخرب من قراهم ولقد بلغ من وحشيته أن قام بتخريب سد الخانق في صعدة إمعانا منه في التنكيل وانزال العقوبة بأهلها.
وجاء قدوم الامام الهادي الى الحق يحيي بن الحسين الى اليمن في أواخر القرن الثالث الهجري (284هـ) ليكمل ما بدأه ابراهيم الجزار وليدشن رسميا مرحلة التكفير والقتل والإبادة التي بدأت بمقدمه ولم تنتهي إلى اليوم على يد أحفاده الحوثيين فنسب الحوثي يرجع إلى الهادي يحي بن الحسين.
إن سيرة الهادي التي كتبها ابن عمه وقائد جيشه علي بن محمد العلوي.تمتلئ بأقوال الهادي ومعاونيه في تكفير معارضيه من اليمنيين كما في كتاب (سيرة الهادي الى الحق).
ومن ذلك: 1- كان الهادي كثيراً ما يخاطب اليمنيين الرافضين لإمامته المزعومة بـ (أمة الكفر) ومن ذلك القول:
يا أمة الكفر الذين تحملوا **** بالصغر منهم طاعة الشيطانِ
رفضوا الهدى والحق ثم تعلقوا *** وتمسكوا بالظلم والعدوانِ
وعصوا بكفرهم الإله فأصبحوا *** متقلدين سرابل النيرانِ.
2- قام بهدم ديار أمخالفيه وتخريب مزارعهم. ومن قام بذلك هو المؤلف نفسه بأمر من الهادي. سيرة الهادي الى الحق ص: 189.
3ـ من كلمات التكفير للأمة التي طفحت بها سيرة الهادي لابن عمه العلوي ما يلي: ( فخالفت الأمة نبيها في ذلك حسداً منها لأهل بيت نبيها فقدموا غيرهم وأمروهم عليهم وطلبوا العلم من سواهم واتبعوا أهوائهم وكفروا بربهم ونقضوا كتب الله) سيرة الهادي إلى الحق ص 27.
ـ وأما عبد الله بن حمزة- إمام الزيدية، وعالمها والذي حكم اليمن من عام 1187 إلى 1217م- فهو ثمرة لبذرة التكفير، والقتل الهادوية، وقد صرح بمذهب آبائه، وأجداده، وهوسهم التكفيري للمسلمين قاطبة وجواز قتلهم وسبي نساءهم وبيع أطفالهم في الأسواق. فمما جاء عنه في المجموع المنصوري بتحقيق الهالك مرتضى المحطوري: (وأما حكايتنا عن القاسم والهادي والناصر عليهم السلام: بأن دار المجبرة والمشبهة دار حرب فهي من أجلى الحكايات، وأوضح الروايات) ويقول (جواز غزو المجبرة والمشبهة والباطنية وقتل مقاتلتهم، وسبي ذراريهم) و يقول (ولا يختلفون أن هذا رأي الأئمة الثلاثة عليهم السلام في المجبرة القدرية، والمشبهة الجبرية، ويغزونهم ليلاً ونهاراً، ويختطفون ذراريهم سراً وجهاراً، ويبيعونهم في أسواق المسلمين ظاهراً، ويشتريهم الصالحون؛ وما فعلوا ذلك إلا بفتوى علمائهم وأئمتهم وسائرهم،) المجموع المنصوري للإمام عبدالله بن حمزة.
ويقول أيضا: (وكل دار يظهر فيها إثبات قديم مع الله تعالى، كمن يقول: بقدم القرآن، أو يثبت للباري سبحانه رؤية كالقمر ليلة البدر، أو يضيف أفعال عباد الله تعالى من المخازي والقبائح إلى الله تعالى، أو يجوِّز عليه سبحانه الظلم، أو ينفي شيئاً من أفعاله عنه، أو يضيف شيئاً من أفعال عبيده إليه فإنه يكون كافراً، وداره بما قدمنا من الاعتبار دار حرب، ولا خلاف في ذلك بين القاسمية والناصرية واليحيوية.). والمجبرة، والمشبهة و.. هم أهل السنة المخالفين لضلالة الزيدية الهادوية في القدر، والأسماء والصفات. ولقد طبق عبد الله بن حمزة هذه الأحكام واقعياً فسبى، وقتل، وهدم، وباع ذراري المسلمين في الأسواق، فمن منطلق تكفيره للدولة الأيوبية كفر أهل صنعاء لخضوعهم للإيوبيين، فأمر بسبي نساء صنعاء وجعل أراضيهم خراجية كأراضي الكفار بل وقام باستخلاص امرأة أيوبية مسلمة لنفسه واتخذها جارية له وأنجب منها ولداً سماه سليمان وكان يخاطبه قائلاً:
سليمان بيتاك من هاشم *** ومن بيت قنطور بيتا شرف
ـ وأما القاسم بن محمد هو المعروف بالرشيد وهو أكثر من مارس التخريب للقرى والبيوت من الأئمة حتى وصف العلامة السيد البدر محمد بن اسماعيل الأمير الصنعاني أئمة الدولة القاسمية بأنهم تجاوزوا في طغيانهم فرعون وأن إبليس يفديهم حين يراهم وتقر نواظره بهم.
وما يفعله الحوثيون اليوم بمباركة مذهبية زيدية ليس جديداً على اليمنيين، فهم يسيرون على خطى أسلافهم كما صرحوا في الوثيقة الفكرية والثقافية التي وقع عليها عبدالملك الحوثي، وعدد من علماء الزيدية بإمامة هؤلاء ومما ذكروه: (الإمام الهادي والإمام القاسم العياني والإمام القاسم بن محمد ومن نهج نهجهم من الأئمة الهادين).
وتقدم ما فعله الهادي، والقاسم بن محمد من التكفير، والقتل، والدمار.
وقد انبرى الأب الروحي للحركة الحوثية بدر الدين الحوثي للدفاع عن جرائم الإمام/ عبدالله بن حمزة بشراسة ووصف أعماله بأنها عين الصواب، ونعت منتقدي الإمام عبدالله بن حمزة بأنهم نواصب.. (انظر كتاب – حوار عن المطرفية – زيد بن علي الوزير، بدر الدين الحوثي، محمد عزان).
فهذه الخلاصة تبين لكل ذي عينين حجم المأساة التي عاشها اليمنيون الذين لم يهنأ لهم عيش، وتطيب لهم حياة تحت وطأة الحكم الإمامي، و أدعياء الحق الإلهي المزعوم، ولا يخفى أن هذا الفكر والذي يتهم اليمنيين اليوم من أهل السنة بالتكفيريين هو أساس متين، وضلع مكين للتكفير من القرون الأولى وحتى اليوم.
وبهذا انتهى المراد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
رئيس رابطة أهل الحديث بمدينة تعز