سيطرة الشرعية وتوغل الحوثي!!
عبد الباسط الشاجع
تتفاخر الشرعية دائماً بأنها تسيطر على 80% من مساحة الجمهورية، بينما الانقلاب محشور فقط في جغرافيا لا تتعدى مساحتها 20%.
صحيح أن الشرعية حققت انتصارات عسكرية- خلال عامين من الحرب- بإسناد من قوات التحالف، لكن التباطؤ في حسم المعركة وإطالة الحرب، منح الحوثيين فرصة لترتيب صفوفهم في المساحة البسيطة التي تقلل منها الشرعية، واستطاعوا التوغل في الجهاز الإداري وإحكام قبضتهم على موارد الدولة والمؤسسات الأمنية والاقتصادية والتعليمية.
المساحة- التي يسيطرون عليها- ليست كبيرة جغرافياً، لكنها الأكثر كثافة سكانية والتي تصل فيها نسبة السكان إلى حوالي 70% من مجموع سكان الجمهورية.
الحوثية ليست جماعة سياسية بل فكرية عقائدية تسابق الزمن في تشييع الأجيال القادمة، وتعمد إلى تغيير ديموغرافي وتشكيل الخارطة اليمنية من جديد، بدأتها بتهجير السكان والمناهضين لها، خصوصا في المناطق التي لا تخضع لسلطتها السياسية أو المذهبية والتعيينات السلالية وتوزيع الأراضي لأنصارها وتطويق العاصمة صنعاء بحزام طائفي واستهداف هوية الشعب وتلغيم المدارس والمناهج والمساجد بخطاب طائفي قذر، أشبه ما يحدث في العراق وسوريا.
كما أن معركة التشيع الفكري التي يخوضها الحوثيون لتجريف هوية اليمنيين لا تقل أهمية عن المعارك العسكرية التي يخوضها الجيش الوطني لنزع هذا السرطان من جسد اليمن، بل هي أشد خطورة كونها تستهدف الوعي وتدمر العقل وتؤسس لمستقبل مخلل بأفكار طائفية، فهي معركة الهوية والانتماء وتهدد استقرار المجتمع ونسيجه الاجتماعي.
سيظل التشييع القسري للأجيال القادمة بالنسبة لجماعة الحوثي هدفا استراتيجيا ومصيريا سيمكنها من الحكم والسيطرة بسهولة وأريحية ولفترة طويلة قادمة، ولن يسقط هذا الهدف إلا بالحسم العسكري ومواجهته بإعلام قوي يتصدى لهذه الجائحة بالتوعية والفكر ويبطل مفعولها في أذهان المجتمع.