سمعنا صالح الصماد رئيس ما يسمى المجلس السياسي للمتمردين في العاصمة صنعاء في وقت سابق يقول: (من لديه قضية تتهم أو تدين الحوثيين بالفساد فليقدمها وسنتعاطى معها إيجاباً).. كلام جميل. ولكن هل هو قادر أن يترجم قوله إلى فعل؟! أتمنى ذلك ويجرؤ على إنصاف المظلوم من الظالم..
دعني أحدثك عن فساد مالي وديني وأخلاقي وأدبي في قضية واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.. ليس أبطالها من أتباع الحوثي أو المتحوثين بل الكارثة أبطالها أفراد من الأسرة التي يدعون أنهم قادة المسيرة القرآنية جاءوا برفع الظلم عن الناس وضحيتها رجل أعمال من شبوة ليس له ذنب غير أنه فضل وضع استثماراته في عاصمة بلده .
إن أردت الحكاية وتفاصيل القضية فهي أن المواطن الوطني (فارس أحمد الحارثي ) وهو رجل أعمال من أبناء شبوة أنشأ منذ قرابة 5 سنوات مشروع استثماري عملاق عبارة عن مبنى عقاري يظم أكثر من 320 محلاً تجارياً وهو السوق الموجود في منطقة دارس على طريق المطار بالعاصمة صنعاء المسمى (أسواق العاصمة).. الرجل جاء إلى بلده حاملا في قرارة نفسـه هدفا ساميا وهو استثمار أمواله في وطنه ليستفيد منها ويفيد بها.. لكنه أدرك أن قراره كان خاطئا ..مرددا الغنية القائلة ( هذا اللي ماحسبنا حسابه ياصاحبي)!
ما يزيد عن مليار وسبعمائة مليون ريال يمني التكلفة الإجمالية لإنشاء البنى التحتية للمشروع المذكور وهو مبلغ كفيل بإقامة مشروع استثماري كبير في إحدى الدول الأوربية والخليجية التي تكفل حماية الاستثمارات وحقوق المستثمرين ولكن هذا المستثمر قال (وطني أحق) بفرص العمل والضرائب دونما يعلم أن اللصوص كانت له بالمرصاد ..
في يوم من الأيام السوداء وأثناء دخول المليشيات الحوثية العاصمة صنعاء داهمت عصابة مسلحة مجمع أسواق العاصمة المملوك للمستثمر الجنوبي فارس الحارثي ونكلت وطردت حراسته وموظفيه وقتلت بعضهم بدم بارد ونهبت وسرقت في وضح النهار دون حسيب أو رقيب وبلا وازع ديني أو أخلاقي.. بل ظلت ومازالت تلك العصابة تفرض سطوتها وبقوة السلاح على مكونات السوق وتستولي على مدخراته المالية مقابل الإيجارات التي يبلغ حجمها 15 مليون ريال شهريا أي استولت على ما يزيد عن 450 مليون ريال منذ سطوتها على مجمع السوق.. المثير للاستغراب أن هذه العصابة تبين أنها تابعة لشقيق زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي ممن تسمونه قائد المسيرة القرآنية (يحيى بدر الدين الحوثي ) وزير التربية والتعليم في حكومة المتمردين ..!
رجل الأعمال الحارثي طرق كل الأبواب عل وعسى أن يجد من يعيد له ممتلكاته المنهوبة ولكن لم يحصل إلا على وعود عرقوبية تتكرر جملتها (سيتم النظر إلي قضيتك).. لكن يبدو أنه وصل إلى طريق مسدود لأن الحاكم هو الغريم والقاضي هو الناهب فإذا كان غريمك القاضي فمن تشارع ..!
صالح الصماد.. بذمتك هل هناك فساد أعظم من ذلك وأكبر من هذه القضية التي استكملت فيها أركان الجريمة بل تعددت.. قتل الحراسة.. سطو.. نهب ....
ليس هناك أي مسوغ شرعي أو قانوني أو عرفي يجيز اقتحام ممتلكات الحارثي ونهبها فهو يدفع الرسوم الضريبة وكل ما هو حق للدولة كما أنه ليس له علاقة لا من قريب ولا بعيد بالسياسة ومناكفات السياسيين...لا يحسب على طرف.. أعتقد تعرض لذلك لأنه ينتمي لمحافظة جنوبية وجدت منه عصابة الحوثي فريسة سهلة في صورة تعكس النزعة المناطقية في الفكر الحوثي المقيت .
وهنا نناشد المستثمرين من أبناء الشمال مساندة الحارثي والضغط على المليشيات لإعادة مشروعه وحقوقه غير منقوصة..
الصماد.. القضية أمامك والكرة في ملعبك وهذا يصنف من أعظم أنواع الفساد الذي طلبت أنت إلى كشفه ووعدت باجتثاثه.. فهل تجرؤ على فعل شيء يعيد الحق لصاحبه أم أن آل بدر الدين خط أحمر؟! نحن في الانتظار .
