فارق الحياة، بعد مشوار حافل بالعمل، والجد والعطاء وصناعة المعروف.
شغل حياته بحب الآخرين والتعاون معهم ومد يد العون لكل محتاج.. لم يلتحق بالمدارس ولا الجامعات, لكنه كان خريج مدرسة الحياة.
كان متديناً بدون مغالاة أو تطرف، وسطى في أفكاره مثقفاً عميقاً، هادئاً ورصيناً في حديثه، تصلك كلماته درراً، وتسكن في القلب برداً وسلاماً.
اعتمد على جهده في تكوين أسرته، وما جمعه من مال يؤمن لنفسه وأسرته حياة كريمة ومذلة السؤال، إذا قابلته يستقبلك بابتسامة صادقة نابعة من زوايا قلبه.. يصافحك بقلبه قبل يده وإذا ماعانقته وجدت نفسك في قاع قلبه محاطاً بكل حنان وحب واحترام وموزعاً على كل مشاعره واحاسيسه ووجدانه.. وإذا جلست معه وحادثته لا تسمع منه إلا خيراً وحباً ولمّاً للشمل وكان يرفض الاستجابة للمشاكل والخصومات بين الأهل والأصدقاء والزملاء... صبوراً جلداً على الأهوال صادقاً في الأقوال مخلصاً في الأعمال، لا تمل حديثه ويدهشك بتواضعه وحبه للخير، لا يشعرك بهمومه التي كانت كالجبال عندما يتحدث عن الوطن وما يمر به...
غادر اليمن وقضى أكثر من نصف عمره مغترباً في السعودية (مدينة القنفذة) يبحث عن لقمة العيش الحلال.
لم يؤذِ أحدا ولم يتفاخر بما لديه، كان مسكوناً بل مجنوناً بحب الوطن الذي يحلم به الوطن الذي تسوده المحبة والإخاء والأمن والاستقرار وطن الحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وكان يردد لماذا لا نكون مثل الآخرين؟!...
من عاش معه في غربته أحبه وفي وطنه أجلّه وأعزّه.
إنه صانع المعروف علوان أحمد الحبيل، الذي كان نموذجاً نفاخر به جميعاً رغم أنه لم يكن محباً للمجاملات والمدح، وكنا نعبر له عن حبنا ومشاعرنا بطريقة لا تحرجه.
علوان كان معدناً اصيلاً من معادن الرجال، يعطي الفقير ويتفقده ويواسيه ولا يبخل على اليتامى والارامل وإذا طلبت منه عوناً مادياً ومعنوياً لأي مشروع خيري لا يتردد.
مات في مدينة جدة بعد أن قام بإسعاف الأخ ردمان أحمد علي شرف فأكد معروفه وكانت خاتمة حياته ثواب وخير وعطاء.
نقل جثمانه الطاهر إلى مسقط رأسه حجفات عزاعز ووري هناك.
ذرفنا عليه الدموع كالنساء.. ولم نستطع أن نقدم له شيئا.
غادر الحياة لكن طيفه يعشش ويسكن في القلوب والمقل.
ستظل سيرتك عطرة على كل لسان محب لك لأنك كنت مدرسة متنقلة في الخلق والكرم والبذل والتضحية.
العزاء لجميع أبنائه واخوانه وافراد اسرته ولجميع أصدقائه وجلسائه في المهجر وقريته...
نم قرير العين.. إن العين لتدمع والقلب ليحزن وإنا على فراقك يا علوان لمحزونون، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى..
"إنا لله وإنا إليه راجعون".
د. عبدالله فارع العزعزي
رحل صانع المعروف 1244