عاجلا أم آجلا سيفهم الحوثيون أنهم كتلة غريبة على مكونات اليمن، وإن كانوا من أبناء البلد، فأفعالهم لا تدل إلا على نيتهم باستمرار الاضطرابات إلى أن يصبح اليمن كله خاضعا لسيطرتهم، ومثل هذا الأمر يستحيل حدوثه ما يعني أن الأزمة لن تتوقف على المدى المنظور إن لم يستوعب الحوثيون أن اليمن لأبنائه جميعا وليس لهم.
وحين يتشكل بالأمس تحالف قبلي من أبناء محافظة البيضاء لمنع دخول العناصر الحوثية إلى محافظتهم، وحدث ما يماثل ذلك من قبل في مناطق أخرى، فتلك رسالة للحوثيين كي يعوا أن ما يفعلونه سيجر البلاد إلى كارثة، وإلى حرب طويلة الأمد، لن يفيدهم فيها الدعم الخارجي، ولا تحالفاتهم الداخلية التي وجه فيها حزب المؤتمر الشعبي اتهاماته للرئيس السابق بالتعاون مع الحوثيين لخلخلة الاستقرار وتوسيع المساحات الخاضعة لهم.
إلى ذلك يأتي ما قاله بعض شيوخ القبائل من أن محافظتهم "البيضاء" ستظل عصية على الميليشيات الحوثية، ليؤكد أن اليمن فعلا لن يخضع للحوثيين مهما فعلوا، والأيام سوف تثبت أنهم تورطوا في ما لا طاقة لهم به، وأن من يخرج عن النسق لن يتمكن من تحقيق غاياته، وعليه فإن مقتل العشرات من المنتمين للجماعة الحوثية أول من أمس في "رداع"، والاشتباكات العنيفة في "أرحب" ما هو إلا رسالة سبقتها رسائل عدة مماثلة وسوف تتلوها أخرى لتبين للحوثيين أنه لا مجال لاستسلام اليمن بمكوناته لسطوتهم.
الجماعة الحوثية لها أجندتها التي تسعى لتطبيقها على أرض الواقع، وهي تتبع أي وسيلة تراها مناسبة لطموحاتها، فتقبل باتفاقات ويوقع عليها كبارها ثم ينقضون العهود.. وتوافق مع القبائل على عقد هدنة ثم تخرق الهدنة بسهولة كما حدث خلال الأيام القليلة الماضية مع قبائل "أرحب".. وباتت القبائل كلها تدرك أن من لا يحفظ العهد فلا أمان معه، ليفقد بذلك الحوثيون أي احتمال بوجود ثقة فيهم من قبل أي طرف داخل اليمن.
الخلل الذي أحدثه الحوثيون في اليمن الذي كان يتوجه تدريجيا نحو الاستقرار خلل كبير، ولا مجال للتصحيح إلا بعودة المسار إلى الطريق السليم، وهذا لن يكون إلا إذا اعترف الحوثيون بفداحة ما اقترفوه وعملوا مع الجميع من أجل مصلحة وطن وليس فئة منه أو جهة خارجية، وإلا فالمواجهة طويلة أكثر مما يتخيلون.
رأي الوطن
الحوثيون..إما التراجع أو المواجهة 1077