إذا كانت أهداف ثورة الشباب نبيلة ومشروعة, فإن ما أسفرت عنه حتى الآن لا يلبي تطلعات الشعب في إحداث التغير المرتقب في نمط الحياة القائم على إرساء مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة والاحترام المتبادل.

واستصحابا لهذه النتائج الغير متوقعة تبرز قضية بناء الوطن بوصفها اهم تحد يواجه اليمن ويتطلب الائتلاف لا الاختلاف والتعاون لا التشاحن البناء لا الهدم.

سطر التاريخ بأحرف من نور أسماء أولئك الذين ضحوا بأنفسهم من اجل بلادهم كان همهم بناء أوطانهم وتحقيق العزة لها ، هل ينسى احد منا جمال عبدالناصر والمهاتما غاندي و نيلسون مانديلا وغيرهم كثير ممن اسهم بإخلاص وصدق في بناء وطنه، لأنهم كانوا يصدرون عن قيم نبيلة وأهداف سامية يبتغون بها رفعة الوطن ونهضته ، بعيدا عن مطامع شخصية أو مكاسب حزبية ممقوتة ؟.

عملية بناء الوطن ليست أقوالاً سابحة في أثير الهواء ولا خطباً رنانة في ميادين فسيحة ، بل هي أفعال تراها بوضوح في ميادين العمل والإنتاج ، واذا كان التحول إلى الديمقراطية الذي تبتغيه ثورة الشباب هو التغير والإصلاح وإعادة البناء فإن التخطيط له بوضع سياسات واضحة المعالم والأهداف عمل متواصل يتطلب وقتاً طويلاً وصبراً أطول.

وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن تطول الفترة الانتقالية أو تتحول إلى فترة صراعات وخلافات حزبية لا يعرف كيفية الخروج منها ، ومن هنا يلزم الجميع إظهار حسن النية وإعلاء مصلحة الوطن بتقديم مبادرات إيجابية تساعد على التفاؤل بتغير الأوضاع إلى الأحسن ، وإدارة الصراع بشكل سلمي من خلال حور عقلاني منفتح.

ومع الاعتراف بان ثورة الشباب تمثل مرحلة تاريخية فاصلة لكننا ندرك بوعي شديد ان ذلك يتطلب إرادة قوية على التغير وصنع المستقبل ، فتهيج الفتن وتأجيج الأحقاد والتحريض على العنف لا تخدم الأوطان ولا تبنيها ، وانما يعمر الأوطان ويبنيها تعميق روح المحبة والتآخي والتسامح واحترام الرأي الآخر من خلال حور بنّاء يعزز الوحدة الوطنية ويحقق للوطن أمنه واستقراره وللشعب مطالبه الحالية والمستقبلية..