;
عبد السلام التويتي
عبد السلام التويتي

في اليمن..لا مراء لتاريخ يرجع إلى الوراء 1238

2014-09-12 15:35:46


لا يختلف عاقلان على أن ثورة الـ26 من سبتمبر عام 1962م التي نهضت بها كل شرائح الشعب اليمني وفئاته قد قامت للانتصار لما أهدر من حقوق الإنسان في يمن الحكمة والإيمان، واستعادة ما كان انتقص من حريته لما من شأنه الحفاظ على كرامته وتحسين مستوى معيشته.

بيد أن القوى المضادة للثورة التي كانت الخاسر الأكبر من نجاح ذلك الفعل الثوري لجأت -في سبيل الدفاع عن مصالحها- إلى اتِّباع الكثير من الوسائل والأساليب اللا مشروعة للحيلولة دون نجاح الثورة والخروج للجماهير الثائرة بنتائج مبشرة، وقد ساندتها لإخماد البريق الثوري الأنظمة العربية الرجعية التي خشيت من وجود نموذج نظام حكم جمهوري شعبي ناجح من شأنه تشجيع شعوبها شبه المملوكة على أن تحذو حذوه وتسلك سلوكه، فعمدت تلك الأنظمة المحكومة بالأسر –دون أن تتوانى أو تتأخر- إلى ضخ الأموال للقوى المضادة للثورة السبتمبرية بمستويات مغرية، وتلك القوى كانت تقوم –بدورها- بشراء الولاء بعد الولاء لتتمكن –بالاعتماد شراء الولاءات القبلية- بتاريخ 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1967م من حصار العاصمة صنعاء، فأحكِم حولها الحصار وضيِّق على سكانها الخناق بغية إجبارهم على الاستسلام.

لكن صمود المدافعين الأبطال الذين دافعوا عن عاصمتهم بكل استبسال، فضلا عما سطره أبناء المحافظات الذين هبوا لنجدتهم من أروع صور النضال قد كسر شوكة المحاصرين مخيِّبًا بذلك آمال أنظمة الرجعية والكهنوت التي ضخت ما لا يخطر على بال من الأسلحة والأموال، فإذا بالغالية صنعاء تخرج بصمود أبناء اليمن منتصرة بعد حصار جائر استمر 70يوما.

غير أن تلك القوى المضادة للثورة لم تنس ثأرها وبدأت تتخذ تكتيكات جديدة للقضاء على الثورة الوليدة، فبدأت –مستغلة تجربتها السابقة في الحكم- تتسرب إلى الوظائف العامة، ولم تكن تفوِّت فرصة للتسلق إلى المفاصل الحساسة والهامة، ثم لم تلبث أن عملت من مواقعها –وبمساعدة ما كان يتحالف معها من مراكز القوى- على تشويه واقع ما بعد الثورة شيئًا فشيئًا حتى استطاعت –بالاعتماد على سياسة النفس الطويل- من استعادة التموضع في معظم المواقع.

وعلى الرغم من ذلك فقد أغاث الله الأمة برئيس عالي الهمة هو الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي الذي استطاع بتوفيق الله إيقاف تلك السرقة الممنهجة للثورة السبتمبرية وتمكن في ظرف 3سنوات ونيف من تحقيق منجزات متعددة على مختلف الأصعدة ما تزال إلى يومنا هذا –على الرغم من حملة المحو التي تعرضت لها- في الأذهان حاضرة بل ومتجددة، وما تزال على صدق نيَّة الرجل وقوَّة إرادته شاهدة، لكن ما إن أحست القوى الرجعية بخطره وفطنت إلى ضرره حتى سارعت إلى رسم الخطة لاغتياله، فتمكنت من تنفيذ مخططها الاغتيالي الإجرامي بتاريخ 11تشرين الأول/أكتوبر عام 1977 لتعود القوى التي كان الشهيد الحمدي قد تمكن من إقصائها وإعادتها للانزواء في مكانها الطبيعي لتحتل مجددًا الموقع الطليعي، وقد كانت الـ33 السنة من حكم المخلوع علي صالح كافية –من وجهة نظر تلك القوى الظلامية- للعودة بنظام الحكم في البلاد إلى النمط الأسري المُباد.

بيد أن الجماهير اليمنية -متمثلة في قواها الحية- أبدت رفضها المطلق للعودة بيمن الحكمة والإيمان إلى حكم الأسرة الذي عفا عليه الزمن، وقد عبرت عن رفضها لذلك المشروع الذي بدأ يوطئ له الرئيس المخلوع بصورة سلمية شهد العالم بأسره بسلميتها متوِّجا شهادته تلك بمنح إحدى قياداتها الشبابية وهي الناشطة توكل عبدالسلام كرمان جائزة نوبل للسلام مخرسًا بذلك الأفواه والأقلام التي كانت ما تزال تسند إلى قوى الثورة الشبابية ما كانت تمارسه هي من أعمال الإجرام وسفك الدم الحرام.

لكن حرص دول الجوار -على حدِّ زعم حكامها- على مصلحة الشعب اليمني وعلى أمن منطقة الجزيرة والخليج دفعها إلى بلورة مبادرة سياسية يتم بموجبها انتقال السلطة إلى قوى التغيير الشبابية بصورة سلمية سلسة، موعدين بل موهمين أبناء الشعب أن ذلك الانتقال سيتم –وفق الآلية المزمنة لتلك المبادرة الخليجية- في فترة زمنية قياسية، بيد أن منح المبادرة الخليجية لبعض القوى الأشخاص ما لا يتوافق على العقل والمنطق من الامتيازات على غرار الحصانة الممنوحة لأركان النظام السابق قد أعطت الفرصة لرأس النظام ومن تحالف معه من القوى للتعنتر ولعب دور المعرقل والمعثر الأمر الذي أدى إلى إضاعة الكثير من الوقت سُدى، بل لقد بلغ به التمادي إلى مدِّ جماعة الحوثي المتبنية للعنف وسيلة لتحقيق أهدافها الطائفية وتزويدها –بطريقة فاضحة- بمعظم ما بقي تحت سيطرته من الأسلحة بصورة شبه واضحة.

وقد نجم عن التحالف الفاضح بين الحوثيين وبين المخلوع صالح –فضلا عن عدم تعامل قيادة وزارة الدفاع مع المشكلة الحوثية بشكل حازم وواضح- تمدد الوجود الحوثي المسلح بأقل أمد تمددًا أشبه ما يكون بتمدد الورم السرطاني الخبيث في الجسد، حتى لقد أوشكوا أن يطبقون حصارهم اليوم على العاصمة صنعاء.

واليوم وبعد أن بات تمكن الحوثي -وهو وارث الحكم الإمامي الوراثي- يقرع بأسنة رماحه وقذائف راجماته ومدافعه أبواب صنعاء الشموخ والإباء وبعد أن غدت قضية إسقاطها مطمحًا من مطامحه، فما أجدرنا بترديد المثل العربي التليد: (ما أشبه الليلة بالبارحة)، إذ ما أشبه محاصرة صنعاء من قبل ملكيي اليوم في منتصف العقد الثاني من الألفية الثالثة بمحاصرتها من ملكيي الأمس في أواخر عام1967 ومطلع عام1968م، وكأني بالتأريخ يعيد نفسه وكأني باليوم ينتسخ من أمسه.

القدس العربي

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد