أصدر المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه ما تسمى بوثيقة المصالحة الوطنية الشاملة من أجل تحقيق اصطفاف وطني وقد جعلوا البوابة الرئيسية لتحقيق المصالحة حسب ما ورد في رؤيتهم (أن يقدم شباب الثورة الاعتذار للمؤتمر وجبر الضرر الذي تعرضت له قياداته وأعضاؤه).
إنها وثيقة انتهازية لا تسعى لتحقيق المصالحة بقدر ما تسعى لتأجيج الأحقاد، وبوابتها تلك لا تفضي إلى استقرار وطني ورخاء مجتمعي بقدر ماهي بوابة تهوي بالوطن وأبنائه إلى جحيم من الثارات ونيران مشتعلة من الصراعات اللا منتهية..
لو كنت مؤتمرياً لخجلت من تقديم مثل هذه الرؤية التي لا تضع لليمني أدنى اعتبار.. فبالله عليكم أمعقولٌ هذا؟! أيعقل أن نطلب من المواطن المظلوم المطحون أن يعتذر لأن أناته أزعجت مسامع ظالمه، أيعقل أن نطلب من هذا الشاب الذي تجرد من كل شعور إلا مشاعر الحب للوطن والمواطن وهتف يريد إنقاذه وبناء مجده أن يقدم الاعتذار لمن عاثوا بالوطن الفساد وسخروا كل إمكانياته ومقدراته لما يخدم مصالحهم الأنانية الضيقة..
أيعقل أن نطلب من الطفلة عتاب ابنة الشهيد المنيعي أن تقدم الاعتذار لقاتل أبيها والذي يظن أنها أساءت الأدب معه حين ذرفت دموعها حزناً وألماً مطالبة إياه بالرحيل..
أيعقل أن نطلب من عائلات الشهيدات تفاحة العنتري وزينب الحزمي أن يقدموا الاعتذار لمن تجرد من أخلاق الدين والقبيلة فقتلهن وهن يؤدين صلاة تقربن بها إلى الله أن يخلص اليمن من مصائبه ولكن قذائفه ورصاصاته كن أسبق بالتخلص منهن وإزهاق أرواحهن.
أيعقل أن نطلب من الأيتام والأرامل والثكالى من أسر الشهداء أن يعتذروا نتيجة تجرؤ شهدائهم على إعلان ولاءٍ للوطن تجرد منه الحاكم وكل عصابته.
أيعقل أن نطلب الاعتذار ممن اخترقت الرصاصات أجسادهم وهشمت القذائف عظامهم من الجرحى (المشلولين والمعوقين والمصابين بعاهات دائمة) أن يعتذروا لمن تسبب بهذه المعاناة الدائمة لهم.
أم تطلبون من هذا الشعب الذي أهنتموه وسمتموه سوء العذاب وسرقتم ثروته واستحوذتم على خيراته وشردتم أبناءه في مشارق الأرض ومغاربها أن يقدموا لكم الاعتذار عن أنات جوع أو مرض ينفسون بها عن مصابهم، أو عن آهات حنين فاضت بها مشاعرهم شوقاً لوطنهم وأهلهم ومحبيهم؟!
أتريدون اعتذاراً؟!!!!
نعم نحن يجب أن نعتذر، ولكن ليس لكم، وإنما نعتذر لأسر الشهداء والجرحى، نعتذر لكل المعتقلين والمخفيين قسراً، نعتذر لكل ضحايا سياساتكم الهوجاء الجائرة وأنانيتكم المقيتة..
نعم نعتذر، فنحن تخلينا عن حقهم وشاركنا بظلمهم عندما قبلنا بمنحكم حصانة من الملاحقة القضائية أملاً بأن يكون هذا باعث حياة لإنسانيتكم التي أثبتت الأيام أنها قد ماتت وتعفنت..
أيها المؤتمريون وحلفاءهم:
إن وثيقتكم هذه تعبر عن انتهازية فجة تستغل الظرف الحرج الذي تمر به البلد لدهس ما تبقى لدى الشعب من كرامة، ولا تنم عن أي ذرة من وطنية تذرعتم بإصدار الرؤية من أجلها.
لذلك نقول لكم:
لن نعتذر أبداً لأننا لم نخطئ ولن نخضع لابتزازكم، فليس لدينا الآن ما نخسره أو نخشى فقدانه، واعلموا أن هذا الوطن إن تمزق وانهار فستكونون أنتم أعظم الخاسرين.
واعلموا أن المصالحة وفق رؤيتكم التي قدمتموها لا تعنينا لأنها لن تحافظ على التئام الوطن بقدر ما توسع شروخه وتصدعاته، ولا تقضي على آلامه وإنما ستوصله إلى حالة الشلل التام.
وإن المصالحة التي سنقبل بها هي تلك المصالحة التي تعترف بحق أصحابها والتي يكون بوابتها تطبيق قانون العدالة الانتقالية وليس تقديم الاعتذار للمجرمين..
وسنعمل بإذن الله لما يحقق العدل لكل اليمنيين والله حسبنا ونعم الوكيل فهو وحده الناصر والمعين.
مختار العطآئي
لا مصالحة مع المجرمين الإنتهازيين 1095