لم يكن يظن رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، أن رحيله عن رئاسة الوزراء سيكون بإجماع كل القوى السياسية في العراق، حتی تلك القوی المقربة منه والمحسوبة عليه.
وأن تمسكه وإصراره الشديدين علی حصوله لمرحلة حكم ثالثة لن يجدي نفعا.
لكن ما الذي جعل رحيل المالكي أمراً لا بد منه لدی الدول الحليفة له والأطراف العراقية؟:
أولاً: تتمثل المشكلة الرئيسية لدی المالكي في كونه فشل منذ بداية تولية منصب رئيس الوزراء عام 2006م حيث عمل علی ولادة دكتاتورية جديدة قامت علی الإقصاء والتهميش والتخلص من الخصوم السياسيين إما بالسجن أو بالنفي والتصفية الجسدية، في حين كان العراق والشعب العراقي بحاجة إلی ديمقراطية حقيقية تتيح مساحة من الحريات لكل أطياف الشعب العراقي، إضافة إلی وجود من يعزز الهوية العراقية بدلا من تعزيز الهويات العرقية والمذهبية.
ثانياً: عدم قدرته علی تحقيق المصالح التنموية للشعب العراقي، التي يتطلب تحقيقها ضرورة وجود الأمن والاستقرار، وهذا مالم يوجده المالكي إذ ظل العراق ساحة مشتعلة طوال فترة حكمه.
ثالثاً: ما يمر به العراق من أحداث تتصاعد بشكل يومي غيرت من معادلته السياسية جعلت الجميع بقف أمام نقطة محورية مفادها أن لا مجال للتجاذبات السياسية أو للتهاون خلال هذه المرحلة الحرجة.
علی أية حال، أعتقد أن رحيل نوري المالكي عن سدة حكم رئاسة الوزراء خطوة مهمة في مستقبل العراق، وذلك في حال استشعرت كل القوی السياسية لهذا البلد أن الظرف الحالي يتطلب القبول بالآخر والعمل بشكل جماعي بما يخدم الوطن العراقي وشعبه علی حد سواء، بعيداً عن التخوين والتجريم والإقصاء.
محسن فضل
لهذا رحل نوري المالكي! 1309