البارحة كانت ذكرى نكبة الروهنجيا.. هل سمعتم بها؟.
إنها الأكثر قهراً بين النكبات، أجّلتُ الحديث عنها إلى اليوم، كي لا أتسببّ لكم في كوابيس قبل النوم. وللسبب نفسه لن أنشر لكم صورها المروّعة، ابحثوا عنها بأنفسكم إن شئتم البكاء.
بعض الموتى، يموتون كما عاشوا في عتمة اللامبالاة، وحده ضوء الإيمان يضيء قبورهم، كما أضاء في الحياة قلوبهم، فبسبب ذلك الضوء بالذات تمّ قتلهم.
إنهم مسلمو بورما، البسطاء الطيّبون.. لقد عانوا من ظلم الجغرافية التي زرعتهم في أرض ذات أكثريّة بوذيّة، وظلم التاريخ حين سلّمهم الاستعمار البريطاني للهندوس، وتجنّي الإعلام الذي لفقرهم وإسلامهم، ما كان معنياً بالفظائع التي يتعرّضون لها منذ الأزل.
قبل عامين كتبت لي أخت عزيزة من تلك البلاد تقيم بيننا "السلام عليكم يا سيدة العَرب العظيمة وبعد التحية لِقلمكِ ولأهل الجزائر، أحببتُ أن يكون لقضية بورما المنسيّة نصيبٌ من قلمكِ وتشملينا بدعواتك فنحن بأشد الحاجة لكم وخاصّة أنتم العَرب ومِنكم الرسول بُعث".
ما كنت قد سمعت ببورما، ولكن هذا القلم العربي الذي يستغيث بي، جعلني أشتهي لو كنت المعتصم، لأهبّ لنجدة امرأة تقصدني بشفاعة النبي.
لا تسع صفحتي مآسي الآلاف الذين ذبحوا وأحرقوا بتهمة إسلامهم، ولا قصص المسلمات اللائي اغتصبن، وفضّلن على المعاصي الشهادة.. لذا أستحلفكم بالله أن تكتبوا كلمة بورما في غوغل، لتشاهدوا جثثهم المكدّسة، والملقاة بالعشرات، في أكبر عمليّة إبادة يتعرّضون لها، منذ أعلن الكهنة بدء الحرب المقدّسة على المسلمين.
جبهة علماء الأزهر، اختصرت تخاذلنا آنذاك بالقول إن "بورما لا بواكيَ لها".
في الواقع، مأساة مسلميّ بورما، أنهم استنجدوا بنا في زمن ما عاد فيه للنساء من دموع.. ولا للعروبة من رجال، وأصاب الإسلام فيه من أذى أبنائه، أكثر مما أصابه من جرائم أعدائه.
بربكم، أين هم قادة العرب والمسلمين من هذه المآسي، خاصة أولئك الذين لا يستثمرون ثروات أوطانهم، سوى في تدمير أوطان كانت آمنة قبل كرمهم.. ألا مال لهم لينفق على أمان حفنة من المسلمين، ولا صوت لهم الآن في المحافل الدوليّة.
وأين هم المتباهون بثرائهم.. المصرّون سنوياً على تصدّر المرتبة الأولى في قائمة أثرياء العرب والمسلمين في مجلة "فوربز".. هل رأوا صورة هذا المسلم الذي لا يملك مع شهادة الجوع المرسومة على جسده، إلا الشهادة.. وسيشهد ضدهم بين يدي الله؟.
أحلام مستغانمي
بورما لا بواكي لها!! 1154