كنت في رحلة مع بعض زملائي وكانت الرحلة قد حددت صوب محافظة المحويت، وبالطبع كانت سعادتي في بداية اليوم لا توصف.. حالي كحال باقي زملائي حين استيقظنا مبكرين والبشاشة والفرحة تمتزج مع استعدادنا للانطلاق صوب المحافظة.
تحركت الباصات وبدأت الرحلة القصيرة التي لم تستمر سوى يوم واحد، وفي الطريق تعكر المزاج وتحولت البشاشة إلى تعاسة والفرحة إلى قرحة وغيض، نتاج للاستياء الذي أصاب أعضاء الرحلة، لم يكن ذلك نتيجة نقص في خدمات الرحلة أو مشكلة في محرك الباص فقد كان نظيفاً ولا بأس به.
وكانت علامات الاستياء جلية وبادية على ملامح وجهي ووجوه زملائي غيرة وأسفاً على وطن جحدنا فضله ونسينا قدره حين تركنا المستأجرين يعبثون بأمنه واستقراره.
فعلى طريق العاصمة صوب المحويت رأينا العجائب؛ دولة داخل دولة، نقاط الحوثي واحدة تلو الأخرى في منظر لا يكاد يصدق باستثناء نقطة تابعة للدولة ويا ليتها لم تكن، فقد تعمقت صدمتنا عندما لم نجد مسافة تذكر بينها وبين نقطة من نقاط مليشيا الحوثي.
صراحة ما وجدت هو خلاف ما كنت أتصور، خصوصاً عندما وصولنا شبام كوكبان، فبالطبع كانت لشبام صورة عالقة في الذهن منذ كنت طفلاً عندما كان أبي يحدثني عنها، وكذا المدرسة فما زال صوت الأستاذ يطرب أذني بالحديث عنها.. نعم عن شبام كوكبان الحضارة التاريخ عظمة الإنسان اليمني وعمق تفكيره، فكان تصوري هو الاهتمام الكبير من قبل الدولة تجاه هذه الصورة المجسدة لفترة من حياة وإبداع الإنسان اليمني، وتواجد الدولة الكامل وتأمين مثل هذه الأماكن الأثرية والتاريخية، خصوصاً أن هذه المدينة تمثل مدخلاً حيوياً نحو العاصمة صنعاء، وليتسنى أيضاً للسياح من داخل البلاد أو من خارجها الزيارة بكل أمان واطمئنان بعيداً عن كل ما شاهدت من استفزازات غير مسئولة من خلال تشغيل الأغاني والأناشيد التي تدعو إلى العنصرية والطائفية والفتنة وبمكبرات الصوت وشهر للأسلحة ذهاباً وإياباً على طول خط المدينة دون أدنى استشعار أو مراعاة للآخرين.
وشعار الصرخة لا تسألني عنه, فما من حجر ولا جبل ولا شجر ولا بقر ولا حمار إلا وكتب عليه الشعار زعماً منهم أن رفع الشعار من شيم المتقين الأخيار، ولن يرعب أميركا وإسرائيل إلا من صرخ ورفع الشعار ولعن اليهود ومكرهم في الليل والنهار، وهذا باعتقادي هستيريا قد أصيبوا بها وابتلاءً لم يشعروا به بعد.
حقيقة هذه الرحلة القصيرة رسخت عندي صورة واضحة عن الواقع الذي نعيشه في أغلب المحافظات- إن لم أقل كلها- تطاول على سيادة الدولة ويتوسع ذلك يوماً بعد آخر, فإلى متى يا سيادة رئيس الجمهورية و يا وزير الدفاع، والداخلية وهل الحرب التي أعلنتموها على الإرهاب مجرد مزاج.
محمد خالد الحسيني
إلى متى..وهل الحرب على الإرهاب مجرد مزاج؟ 1333