يشعر الإنسان بالخجل الشديد وهو يشاهد تلك البرامج الإعلامية الخاوية من المضمون، والتي تحاول اجترار التحرر كتراث حضاري لا بد من بقائه مثل بصمة واضحة على هذا الجيل، مع محاولة إثبات التوجه إلى دور التحرر في تقدم المجتمعات العربية.
والحقيقة أن الخجل الذي يصيبنا ليس من مشاهد ساخنة أمام وخلف الكواليس تجمع بين نساء ورجال ليس بينهم أي صلة أو قرابة، بل أن هذه الشاهد لمسلمين وعلى شاشات إسلامية!.. نعم فأين هي الرقابة الأخلاقية على هذه القنوات الإعلامية؟.
والمشكلة أننا نتحدث عن قنوات تدعمها وتشيد مبانيها دول إسلامية لكن كل ما تفعله هو نقل مواقعها إلى بلدان مجاورة لا ترى في مادتها الإعلامية حرجاً أو حرمة. آخر تلك البرامج مثلا ، برامج الأغاني التي تقف أمامها جماهير عريضة وتشهد على نجاحها لجنة حكام، وما أدراك ممن تتكون لجنة الحكام تلك!! فنانات وفنانون لا يمنعهم من امتهان الفن إلا المرض أو الموت. فهم لا يعتقدون بحرمة ما يفعلون ولا يعلمون أنهم في حكم العصاة طالما وهم على هذه الشاكلة.
وقد يتهمني البعض بالتصوف والتشدد، لكنني أريد من هؤلاء أن يخبروني عن حكم الغناء وخاصة غناء هذا الزمن بمشاهده المقززة ومواضيعه المنفرة واستفزازه لمشاعر العفة والفضيلة في الناس. ولو أنها برامج مسابقات رياضية أو ثقافية لقلنا نعم بملء أفواهنا، لكن أن تكون بهذا الشكل البعيد عن الدين والأدب والعادات والتقاليد العربية فلا وألف لا وإن كان لا جود لمن يسمعها لكن لنا ربّاً يسمع ويرى. و يا لخيبة الأمل التي تتملكني حين اقرأ أو أشاهد بعضاً من قضايا أو كوارث أو مصائب تعانيها بلاد العالم الإسلامي أمام لا مبالاة عالمية لا يمنعها من التفاعل مع تلك الآلام إلا معاص ترتكب بين أفراد شعوبها جعلت قلوبهم أقسى من الحجارة أو أشد قسوة على إخوان لهم في الدين والعقيدة.
إن ما جعل شعوب العالم الإسلامي شعوباً خرساء، ذليلة، ضعيفة؛ هو تهاونها في إحقاق الحق ورفض وجود الباطل، خاصة بعد أن أصبح الحق تخلفاً ورجعية والباطل تقدماً ومدنية.
فلا بارك الله في تبعية نحذوها كما تحذو النعاج كلاب الحراسة ورعاة الفلا. ولا بارك الله في أموال تنفق لا يراد بها إلا إعلاء راية الباطل وإشهار تعاليمه الفاسدة والتعالي على من لا درهم له ولا دينار في بقاع مختلفة من أنحاء الأرض، لكنهم قد يملكون قلوباً لا تخشى في الله لومة لائم.
إنه الفساد العريض الذي أصاب أمة زاغت فأزاغ اللهُ قلوبَ أفرادها إلا من رحم.
ألطاف الأهدل
فساد عريض!! 1389