لقد جلست جميع الأطراف اليمنية المتخاصمة والمتصارعة على السلطة إلى جوار بعض في قاعة واحدة، وعلى طاولة حوار واحدة، وتم الاتفاق- كحد أدنى- على جميع مضامين مخرجات الحوار الوطني، ومثل ذلك محطة تاريخية مهمة في حياة الشعب اليمني، حيث جرت فيه مناقشات جادة ومسئولة لكل القضايا التي تهم الوطن والمواطن، و استمر أكثر من عشرة أشهر للفترة من 18 مارس 2013 م وحتى 25 يناير 2014 م، وتمخضت عنه تلك المخرجات التي توافق عليها كافة المكونات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة، ومثلت- في مجملها- خارطة طريق، ووقعت كل الأطراف علي وثيقة المخرجات، ووقف المجتمع الدولي مع هذه المخرجات وعزز ذلك بقرار مجلس الأمن 2140 تحت البند السابع، وهذا يفرض على كل اليمنيين شرعا ووطنيا وفي مقدمتهم قيادات الدولة والحكومة والأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني العمل والدفع بكل جد واجتهاد وتفان وإخلاص لمتابعة تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وترجمتها قولا وفعلا على أرض الواقع، واطلاع الشعب اليمني علي المعرقلين والمخططين للقتل ضباط الجيش وضرب الكهرباء وتفجير آبار النفط.
والعقل يقول: إنه بمجرد نجاح مؤتمر الحوار الوطني من المفترض أنه سوف يتغير الخطاب السياسي والإعلامي للأحزاب والتنظيمات السياسية والقوى الاجتماعية وسنشهد خطابا وطنيا متميزا ورصينا يبني ولا يهدم، يوحد ولا يفرق، يدعو إلى الألفة والمحبة والتسامح والإخاء، خطابا مسؤولا يدعو إلى التوجه نحو البناء والتنمية الشاملة وتجاوز سلبيات الماضي والسمو فوق الجراحات والآلام..
ولكن للأسف الشديد قوى الثورة المضادة ما زالت في خطابها وأفعالها تستجر الماضي وتثير الأحقاد والضغائن وتحرض على الفوضى والفتنة السياسية والمذهبية والطائفية والمناطقية وتعمق في النفوس الأحقاد والضغائن وروح الانتقام والكراهية وتوسع دائرة الخلافات والصراعات وتسهل الأعمال اللوجستية للإرهابين، ونجد أن الثورة المضادة تشجع الحوثي على عدم تسليم السلاح للدولة، والانتقال للعمل السياسي لأن حروبه الهمجية لا تخدم- بأي حال من الأحوال- العملية السياسية والتوافق الوطني.
ولذلك على الجميع أن يدرك أن المصلحة الوطنية العليا تستوجب تشكيل لجنة من الأحزاب والتنظيمات السياسية أو أي مسمى لصياغة ميثاق شرف سياسي وإعلامي لمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار والتأكيد على التزام الجميع بترشيد الخطاب السياسي والإعلامي، والتوقف التام عن المهاترات والمناكفات السياسية والإعلامية، وعدم الإساءة- بأي شكل من الأشكال- إلى بعضها البعض وإلى قيادات الدولة والأحزاب والتنظيمات السياسية والأشخاص، وكذا الالتزام التام بعدم إثارة الفوضى والفتن السياسية والطائفية والمناطقية والمذهبية والتحريض على العنف والانتقام وإثارة الأحقاد والضغائن وكل ما يضر المصلحة الوطنية سواء كان ذلك في الخطابات التي يتم إلقاؤها في الاحتفالات والمهرجانات أو المقابلات والتصريحات الصحفية والتلفزيونية والإذاعية أو في الأخبار والكتابات المقالية، وتعاون الجميع للوقوف مع الجيش والأمن ضد الإرهاب والمليشيات المسلحة من أي طرف كانت ويكون الميثاق ملزما للجميع، ولا يجب الخروج عنه بأي حال من الأحوال على الأقل لمدة عامين حتى يتم تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإنجاز الدستور الجديد وترتيب أوضاع الأقاليم وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أجواء هادئة وملائمة.. والله الموفق.
محمد سيف عبدالله
مخرجات الحوار بين التأجيل والتنفيذ والتدمير 1165