إذا كانت الاحتفالات المدرسية وتكريم المعلم - تُعزز أواصر الانتماء إلى تراب بلدنا، فهي ليست مناسبة للفرح والبهجة فحسب، بل موعداً لانصهار المواطن في «المجتمع، حيث لا يصبح الفرد مجرد رقم عابر في سجلات التربية، بل عضوا فاعلا ولبنة صالحة في صرح اليمن (!)، فإننا نؤكد أن هذه الاحتفالات – في الآن ذاته – لا تصلح بديلاً عن توفير الحقوق الأساسية للمعلم والطالب على حد سواء ولابد من سد احتياجاته الضرورية، لأن الأغنية الوطنية وزخرفة الكلمات وتوزيع الشهادات لمن هبّ ودب بنفاق سياسي مفتعل والتلويح بأن وزارة التربية أصبحت تخرج علماء فهذا مالا يمكن تصديقه وخصوصاً في تعز وكذلك الإدارات التربوية، في عموم المديريات التي أفسدت الحياة العلمية والأخلاقية لهذا الجيل بتكريس الغش منهجاً وسلوكاً وفرض الجبايات والاختلاسات على الطلبة وتسريب المعلمين من المدارس وتركيزهم في أقسام وهمية بهدف تفريغهم من أداء الواجب وهناك معلمون ارتكبوا أعمالاً مُخلّة ولا تتناسب مع قانون المعلم والتربية، والتعليم ولا نبالغ إن قُلنا إن حقوق المعلم الملتزم في الميدان مُهدرة ويتعرض مرتبه لاستقطاع وبهذا ما جدوى الاحتفالات الخادعة بيوم المعلم وتوزيع شهادات ورقيّة لاتسمن ولا تغني من جوع والأدهى أن يكون المنفلت والهارب من الميدان هو الحائز على التكريم فقط, لأنه ينتمي الى حزب معين أو يتبع شخصاً أو مسؤولاً، إذا لم تكن مواكبة لنيل الحقوق والحصول على الاحتياجات، فستبيت – مع الوقت – خصماً من المشاعر الوطنية، أو إزاحة للوطن ذاته عن مكانته التي يتبوأها في قلوب المواطنين ووجدانهم!. فما الذي يفيد المعلم على شارع الصبر والانتظار لكي يحصل على حقوقه في العيش الكريم بعد أن تجاوز الخمسين، من عمره ولم يحصل على مرتب خالٍ من الخصم والقضم والتعسف ؟! فقد احتدمت المعضلة الحقوقية في الحصول على الترقيات والعلاوات السنوية، في هذا البلد، حتى وصل الناس، لليأس من حكومة، ووزارة لا تحترمان حق الطالب والمعلم على حد سواء لطلبات مشروعة ونحن في بلد حباها الله ثروة غزيرة وطائلة، وتحديداً العقول الشابة، ومع ذلك يقضي المواطن جُل عمره في انتظار منزلٍ له ولأسرته، فلا يناله إلا في أخريات حياته إن وجده، والطريف أن حكومات تأتي وتمضي، وتعقبها حكومات أخرى، وكلها "أذن من طين وأذن من عجين" ثم ينفرط عقدهم، بينما لايزال المعلمون يقتلهم الانتظار المُمِض على أبواب الامل، يطرقون ويطرقون لكن أحداً لا يفتح لهم، أو يبل ريقهم الذي جف من وطأة الانتظار بحكومة عاقلة ووزارة تحترم الحقوق وتعيد للعلم هيبته وللمعلم كرامته وللطالب حقه في وطن آمن ومستقر.
محمد العزعزي
خفافيش التعليم ومنافقو السياسة 1181