هنا في اليمن إذا أردت أن تتكلم عن الدولة أو أن تشرح وضعها فلا تعلم من أي باب تأتي إليها, أو إلى أي زاوية يمكن لعيناك أن ترى فيها الدولة بمفهومها الكامل ومنظومتها المتكاملة, الدولة التي كنا نحلم بها بعد ثورة فبراير وكنا نراها قاب قوسين أو أدنى بعد المرحلة الانتقالية وبعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته التي تبدوا بأنها جعجعة طحين لا أكثر حتى اللحظة- على أقل تقدير- تلك الدولة التي أردناها يراد لها أن تسير إلى الهاوية.
مهرولة وبخطى متسارعة تدعمها أطراف داخلية وخارجية أعادت الدولة إلى ديوان الشيخ واستراحة الرجل الأول ومعسكر القائد العسكري وهمجية الميليشيا المسلحة, كما يبدوا عليه حال الدولة في كثير من المواقف والأحداث الظاهرة والممارسات الأخيرة كما يظهر لنا مبدئياً أننا أمام دولة من ثلاثة أوجه ناهيك عن الأيادي الخارجية التي حجزت لها مواضع أقدام كبيرة في الدولة وفي التأثير على قراراتها وتحركاتها..
وأما الأوجه الثلاثة البارزة فأحدها وهو الوجه الأمامي الظاهر للكل يعود للرئيس هادي, والآخر والذي يبدوا أنه الأضعف داخل تلك المنظومة تتناصف تقاسيمه أحزاب المعارضة بينما يستحوذ النظام السابق على الوجه الخفي والأكثر اكتمالاً وتغلغلاً في جسد الدولة التي ما عرفناها مؤخراً إلا متخاذلة متلكئة كما هو الحال من خلال الوساطات المرسلة لإرضاء ميليشيا لا تعترف بالدولة بتاتاً.
جميل أن تهتم الدولة بحل النزاعات وإيقافها عند نقطة ما لكن القبيح أن تأتي تلك الوساطات لإكمال مشوار التفتيت وإضعاف الدولة وأن تكون تلك الوساطات بين الدولة وجيشها وأبناءها في المناطق المتوترة وبين جماعة مسلحة ما فتئت أن تعتدي على مدن بأكملها بأهلها وبنيانها, والقوات التي تتواجد فيها لتأمينها وتأمين ساكنيها وما يحدث في عمران خير دليل على تقهقر الدولة وانقسامها الحاد فيما بينها.
في كل عصور الدول وتواريخها لم تسجل حالة واحدة تتماشى مع ما تقوم به دولتنا المفترضة حيث لا يمكن لأي نظام يحترم شعبه أن يتوسط بين مجموعة ميليشيا خارجة عن النظام والقانون, وبين فصيل من تلك الدولة يعمل جاهداً لردع الجماعة المعتدية والدفاع عن هيبة الدولة ويقدم لذلك الشهداء والجرحى من أفراده وعندما تأتي اللجنة الرئاسية القادمة من العاصمة محملة بكم كبير من آمال الضباط والجنود المرابطون في أن تنصفهم الدولة وتنتصر لهم ولشهدائهم يبرز العكس وتنتصر تلك اللجنة لقطاع الطرق ومليشيا الموت على حساب قوات الجيش والأمن وأبناء المناطق المحتلة, من قبل المليشيا لتضع بذلك كما يبدوا تكملة لمسلسل التخاذل والتآمر على هيبة الدولة والذي يساعد ذلك المسلسل على الاكتمال هو انقسام الدولة وتفتتها بين أكثر من مجموعة وتراخي الرئيس وعدم رغبته كما يبدوا في وضع حلول توحد الدولة وتعيد لها هيبتها.
محمد أحمد عثمان
أهذه هي دولتنا !؟ 1313