عندما يئس لوط من قومه صاح فيهم صيحةَ مشفق ((ياقومِ أليسَ منكم رجلٌ رشيد)) وأنا أقول: أين العقلاء من أمتي وسط مانعيشه من صراع طائفي لايخدم أحداً سوى أعداء الأمّة المحمدية؟...
إنّي أكتب اليوم بحرقة عن فقد الوطن أحد الأعلام الرشيدة المتمثلة بشخص الدكتور- طارق سنان أبو لحوم ، فوسط المهاترات ووسط إرتفاع المصالح الشخصية فوق مصلحة الوطن، هناك قيادة رشيدة يعملون بصمت من أجل الإنسانية العليا، إنها الإنسانية في أروع صورها متجسدة بشخصه الكريم فقيد الوطن والأمة الدكتور طارق، نعم للتميّز، نعم لتلك العقول النيّرة التي يقودها علمها العميق إلى التواضع الجم إلى الحق المطلق إلى الله جل في علاه....
لقد فقدنا قامة فاضلة من قامات الوطن الذي لقب بأبو الأيتام (لحبه الشديد لهم ) صاحب الخلق الجم بشهادةالجميع،باني الصروح العلمية التي تسهم في نهضة الوطن ، وصاحب الإبتسامة الصادقة العذبة التي تنبع من قلب سليم قلب عرف الله فعرف غايته في الحياة ...
كنت تمثل أمّةً في أعمالك، ولا شك تركت فراغاً كبيراً شاغراً من بعدك، من سيملأ هذا الفراغ ؟ من سيحمل عبأ الواجبات الكبيرة التي كنت تقوم بها ؟ ((سؤال يحتاج إلى جواب))
فقد تركت بصمات واضحة لا تُنكر ولا تخفى على عاقل يُبصر ...
رحلت ونحن بأمس الحاجة لأمثالك جمعت بين الدين والدنيا، تميزت بحماس دائم وعمل دؤوب لايفتر ...رحمك الله ياعملاق الخير ...
إننا لانرثيك فأنت لست ممن يُرثى، بل نرثي أنفسنا وأمتنا بفراقك الأليم، كنت إنسان متفرّد لست نسخة مكررة من أحد، تميزت بكل معنى للإنسان الذي آمن بنداء ربه، وفتح آفاق عقله واستلهم العلم والحكمة، عبدت الله عن علم رأيته بقلبك السليم وبتخصصك العلمي الذي يمثّل أرقى معاني الإنسانية بكل الطرق والوسائل كنت قريباً من الناس تتلمس معاناتهم وتمسح جراحهم بكف حنون تمتد للخير بكل نبل، آمنت بهذا العقل الرباني واحترمته فمنحته حقه ليصوغ أفكاراً ورؤىً إستراتيجية بعيدة المدى، في الوقت الذي مازال غيرك يمارس لعبته القذرة في تضليل الحقائق وتغييبالعقل والمنطق ومنحه إجازة ليمارس أعماله في غياب الضمير من أجل تحقيق مصالح ذاتية تزيد من معاناة الوطن والمواطنين المغلوبين على أمرهم، لقد أهانوا التكريم الرباني لهذا العقل الفذ عندما تعمدوا تغييبه، وعملوا من أجل هواهم الذي أُتخذ إلهاً يعبد من دون الله كما قال تعالى :((أفرأيت من إتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً))......
أيها الكريم إبن الكريم قد سخرت خيرك للبسطاء، بينما غيرك يكيل المؤامرات لسحب البساط عن الضعفاء، يستند على معاناتهم من أجل أن يعلوا، ينهب الثروات ليحصل لنفسه وحزبه على مصالح ذاتية بعيداً عن أي إعتبار لمبادئ وأخلاق، فهنيئاً لمن جعلهم الله مفاتيح للخير، وسحقاً لمن جعلوا مفاتيح للشر!...
عذراً أبي وأستاذي ودكتوري- طارق سنان أبو لحوم فقد تضاءلت حروفي أمام قامتكم الشامخة في تواضع يعلو بإنسانيتكم، أعتذر وأعتذر وأكرر إعتذاري فإني لا أملك من الكلمات في حقكم إلا كلمة سيسجلها التاريخ في صفحاتكم النقية ((وفي أمثالكم تعيش الإنسانية! )).
نجلاء بآشافعي
رجلٌ بأمّة...! 1214