حمل شباب الثورة مسؤولية كل ما تمر به اليمن اليوم من أوضاع مأساوية مما نشاهده و نلمسه،، بكل تأكيد الجميع ممن شارك فيها سيدفع الثمن، ثمن ذلك الصوت الذي خرج في ربوع الوطن ليقول: لا للإستبداد والإستعباد، ومصادرة كل خيرات الوطن تحت مسميات مختلفة، نعم لدولة يمنية حديثة تقوم على أساس العدل، والمساوة، والنظام المؤسسي الذي لا يظلم في ظله أحد، لأجل الجميع خرج أبناء الشعب، لا لأجل حزب أو طائفة أو مجموعة من الناس، ليس بأيدي هؤلاء عصا سحرية فيحققوا كل ما خرجوا من أجله بطرفة عين، كما هو معلوم، لكل عملية جراحية آثارها المؤلمة، والتخلص من آثارها بإذن الله والطريقة السوية في كيفية التخلص، سيكون الأمر إن شاء الله أسهل، مما لو تركنا المرض يستشري، و ينتشر، حيث أن صبرنا على الأخير من شأنه هلاكنا فلا حياة ولا بقاء.
2ـ أتفهم جيداً أن ثمة أخطاء في مسيرة التغيير التي حدثت، لا بل، وسياسة خاطئة أحيانا في التعامل مع الآخر، وعدم التفريق من قبل بعض أصحاب هذا المسار بين ما هو من الرأي والرأي الآخر في إطار الشعب، ـ والجميع حريصون كل الحرص على هذا الوطن بلا شك، هكذا أرد ـ وبين من سفك الدماء، وقتل الأبرياء، وشارك في كل مشين ارتكب في حق هذا الشعب طيلة عقود من الزمن، وعليه فرمي الجميع بسلة واحدة واستعداءهم جميعاً ليس من الحكمة في شيء، فالأخير وحدهم، هم من ينبغي الوقوف بوجوههم وإيقافهم عند حدهم، والمطالبة بمعاقبتهم وفقاً للقانون، أضف إلى أن الثورة لا بد أن تكون على منظومة متكاملة من الفساد، ومن أي جهة كان المفسدون، وهي هنا ليست على الأشخاص ذواتهم كما يتصور البعض، وإنما على ممارساتهم، وفسادهم .
3 ـ الثورة ليست منهجاً فنحاكم من خالفنا الرأي على ضوئها، فمن كان معنا فهو منا ومن خالفنا ولو برأي معين، فهو ضدنا، إعطاء كل قضية حجمها مهم، فلننتبه لهذا.
4ـ شباب الثورة اليوم مدعون أكثر من أي وقت مضى إلى أن يكونوا أكثر تجرداً وحرصاً على هذا الوطن، وأن يدركوا أن الرؤية الواضحة البعيدة عن الإملاءات هي وحدها من ستخرج البلد من مأساته الحالية، وأن يكونوا أكثر الناس حرصاً على التصالح والتسامح، وبعيداً أيضاً عن سياسة المكايدات التي لم تنتج لنا سوى التأزم، والصراع، ولهذا فالتوازن مهم، ومن التوازن ترتيب الأولويات، ومعرفة خير الخيرين وشر الشرين، ومن الأقرب لنا من غيره، مالم فسنقع في فخ كل متربص وحاقد شعرنا أولم نشعر .
5ـ لقد كنا نعيش قبل هذا اليوم ـ أقصد الحادي عشر من فبراير من العام 2011 م ـ أزمة حوار بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وعليه فالخروج في هذا اليوم لم يكن خروجاً همجياً، بعد أن بلغ السيل الزبى، ووصل الحزب الحاكم والمعارضة إلى طريق مسدود خرج أبناء الشعب، ليخرج الجميع بعد ذلك بتسوية سياسية تمثلت في المبادرة الخليجية، وأهم محور فيها هو الحوار الوطني، الذي أصلاً كنا نرجوه ونأمله من قبل، وعليه، فنحن اليوم أمام مخرجات، علينا أن لا نقف أمامها موقف المتفرج، أياً كان موقفنا منها فقد أصبح الحوار شيئاً واقعياً وعلى ضوئه يتم اليوم رسم ملامح المستقبل، الشيء الإيجابي فيه علينا أن نشيد به، و ما هو من المخرجات مخالف لشريعتنا الإسلامية، و يمس ثوابتنا الوطنية، علينا أن نبينه ونسلك الطرق السلمية في رفضه وإنكاره، ولكلٍ رأيه .
6ـ اليمن اليوم مسؤوليتنا جميعاً، فليس من المسؤولية الوقوف على أطلال الماضي، دون تقديم جهد يذكر في سبيل هذا الوطن، مرحلة البناء والتنمية نحن على أعتابها اليوم، فهيا معاً أحزاباً و فئات، وجميع أبناء الشعب للتعاون، للتوافق، ليعبر كلاً عن رأيه ولكن ليس على حساب النيل من الآخرين، وكأنهم ليسوا بشيء، بالعكس الوطن للجميع، وهو وحده من يتسع الجميع، فرفقاً رفقاً .
7 ـ التجديد في الخطاب الثوري بما يتوافق والمرحلة التي تمر بها اليمن أمر مهم، إذا ما أردنا التئام الجرح، و تجاوز العلل.
8 ـ القوى والفئات التي ركبت الموجة و تسعى اليوم لبسط نفوذها بالعنف وقوة السلاح نقول لها، بهذه التصرفات تقودون أنفسكم إلى الهاوية، مهما كانت إمكانياتكم وكانت عتادكم، كل ذلك سيتهاوى أمام وعي الشعب، ورقيه وسموه في التعبير عن حقه، والوسائل السوية التي يسلكها في الوصول إلى ما ينشده، وبقلمه لا ببندقه سيحطم تلك القوة وذلك العتاد، عودوا إلى رشدكم، وبالشراكة والتعايش نحيا وتحيون حياة كريمة.
9 ـ التوجه إلى مرحلة البناء يتطلب صدق، ووضوح مع الله، ثم أمام هذا الشعب، وعلى الدولة بسط نفوذها في ربوع الوطن، فلا يستقوي طرف على طرف، فتتحول البلد إلى حرب عصابات، ومن المعيب التبرير للأخطاء، والبقاء في أتون المرحلة الماضية، و نسب كل فشل إليها، صحيح ثمة شيء معقول، لكن ليس بتلك الصورة التي نسمعها من قبل البعض في الدولة.
محمد أمين الكامل
في الذكرى الثالثة للثورة الشبابية وقفات لابد منها 1242