اليمن هذه الأيام- وبعد المواجهات الحوثية مع قبيلة حاشد- على وشك السقوط في فخ حرب أهلية وطائفية (عرقية)، وإجهاض (تطبيق) مخرجات الحوار على سوئها– في رأي البعض- هذا السوء الذي نبع من الشراكة في دولة يحكمها نظامان متخالفان، وبرعاية إقليمية ودولية اتضحت أجندتها أكثر خلال هذه المواجهات.
من المتوقع زيادة التصعيد من قبل القوى المتحالفة مع (الشيطان الأكبر) بغرض الإجهاز على (تطبيق)مخرجات الحوار وكيان (الدولة اليمنية الحديثة) وإعادة فرض الملكية بلباس جمهوري كما كان الحال سابقاً، استباقاً ليوم 11 فبراير (ذكرى الثورة) وليوم 21 فبراير (انتهاء ولاية الرئيس).
هذا التصعيد يتم تغذيته من أطراف مختلفة (داخلية وخارجية)، وأهدافهم مختلفة أيضاً لكنهم متفقون على الطريقة، وإغراق البلد في الفوضى وخلط الأوراق التي تم لملتها مؤخراً.
المطلوب هو الضغط الشعبي باتجاه (تطبيق) مخرجات الحوار الوطني وإخراجها واقعاً ملموساً على الأرض، ومن ضمن هذه المخرجات نزع السلاح الثقيل والمتوسط من أي جهة أو مليشيات يمكن أن تهدد السلم الاجتماعي اليمني.
لا نقول بأننا بحاجة إلى (تظاهرة ثورية) فربما لا يحتمل وضع البلد ذلك، ولكننا نحن بحاجة إلى (اصطفاف وطني) يتمثل في قيام وجهاء البلد والشخصيات الاجتماعية والمكونات الثورية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية بتكوين (خلية طوارئ) لدراسة الوضع وتصور حلول عاجلة لهذا المأزق الذي يمر به البلد، وعلى ضوئه يتم التشاور مع الحكومة على سبل المواجهة، وتحميلها مسئولية هذه الأحداث، وقيام الجيش بدوره الوطني في حماية البلد، ولا ينبغي إلقاء المسئولية على طرف أو مكون اجتماعي بعينه، كما قد يحلو للبعض تحميل (حزب الإصلاح) مسئولية عدم مواجهة الحوثيين!.
فهذا منطق خطير، إذ أن (الإصلاح) أو الأحزاب الأخرى هي أحزاب سياسية ليس من مهامها مجابهة الجماعات الخارجة على القانون، كما أن دخولها ومشاركتها في هذه الحرب هي دعوة صريحة للإحتراب الأهلي والطائفي معاً، وهو هدف سياسي لدى بعض الأطراف للقضاء على (إخوان اليمن).
سمعنا مؤخراً عن تحركات قبلية لتكوين حلف واسع لمجابهة الحوثيين، وهذه الخطوة أيضاً ينبغي تحييدها عن المواجهة المسلحة مع الحوثيين، لأن دخول القبائل بهذا الشكل ستحول الأمر إلى حرب قبلية أهلية، تتطور إلى حرب طائفية، والتصرف الصحيح هو أن تقوم الحكومة بدورها ومسئوليتها المناطة بها من حفظ البلد وأمنه.
ماذا لو لم تقم الحكومة بدورها؟
هذا سيعقد المشهد، وسيضطر الناس للدفاع عن أنفسهم، سواء بتكوين الحلف القبلي أو غيره، وهذا سيكون خصماً من رصيد الدولة الوطنية، دولة المساواة والقانون التي يحلم بها اليمنيون جميعاً، وسواء فازت (القبيلة) أم (الحوثي) فإننا سنعود إلى أحد حضنين إما إلى حضن (الشيخ) أو إلى حضن (السيد)!.
لذلك لا بديل عن الضغط باتجاه الدولة الوطنية الحديثة، وحضن (القانون) بدلاً من البكاء على أطلال حقوقنا المسلوبة، ودمائنا المسكوبة.
فيصل العشاري
الاصطفاف الوطني..أو حضن السيد أو الشيخ!! 1148