خرج جموع الشعب العربي في انتفاضات العام 2011م يهتف كلاً بالشعار الذي يحلم به، صرخ الجميع بكل قواه، كلاً بشعاره الذي طالما علق عليه الآمال والطموح، بعد بلوغ الربيع عامه الثالث لا حت معالمه ونتائجه وبانت ملامحة جلية للعيان ولا تخفي على أحد.......
ظهرت مجتمعات اللا دولة والتي أزعجنا حكامها وتغنوا باسم الدولة والمؤسسية.. خرج في هذا المضمار مطلب استئناف دولة الخلافة، وطفحت على السطح جماعات التطرف والإرهاب التي تعيث وعاثت في الأرض القتل وبعثت الخوف في قلوب الآمنين .. قتلت الأرض والإنسان ..
انزلقت بعض بلدان الربيع في حروب أهلية وطائفية مدمرة..
زحفت الطائفية في أوساط المجتمعات التي كانت أكثر انسجاماً وتعايشاً فيما بينها..
انهارت اقتصاداتها وتخلفت وباتت دول مهددة بالفشل..
تعطلت آلة الإنتاج وتوقفت عن العمل وتوقف أيضاً استغلال الموارد والثروات نتيجة التنازع بين الميليشيات التي تريد كل واحدة منها التحكم في تلك الموارد واشتعلت بفعلها الأسعار, الفقر زادت رقعته في الاتساع والأرصفة ترحب كل يوم بوافدين جدد..
صاحب شرارات الربيع أشكال أخرى من الضغط والتقييد لحرية الفكر والإبداع المتمثلة بالتكفير والتشهير بالمبدعين والمفكرين بدلاً من القوانين التي كانت تستخدم في الأمس القريب من قبل الأنظمة السابقة, استخدم الدين في الصراع القائم عل كرسي الحكم والتربع على عرشه..
انطلقت قنوات إعلامية متعددة وأحزاب وتنظيمات وصحف تعد بالمئات في بعض بلدان الربيع, وهذا لا شك أنه مفيد لكن الاختلافات العميقة والجذرية بين تلك الوسائل وبرامجها عملت على تعميق الهوة بينها أدى إلى صراع وصدام لا يخدم المصلحة العامة للدولة والمجتمع.
فأصبحت عملية الوفاق والتوافق صعبة للغاية ونتيجة الصراعات والأطماع السياسية سيدفع الشعب بشكل عام ثمن ذلك البؤس والفقر والمرض..
كل هذه المنغصات والتناقضات والمكدرات التي كشفت المغطى وفرزت الغث من السمين والصالح من الطالح والحسن من القبيح وفضحت أطماعا ومخططات وتحالفات دنيئة, أظهرت أيضاً أراء وأفكار ومخرجات ونظريات ومشاريع وبرامج تبني دولة ومجتمع ..
وكل هذا يساعد على بناء وإصلاح هيكل المنظومة الاقتصادية والتربوية التي تكرس مناهجها قيم التسامح وتقطع الطرق أمام أصحاب المشاريع الصغيرة وأصحاب القوى التقليدية والراديكالية وما يترتب عليها من ميول نحو العنف والتطرف والإرهاب والتخريب التي بدورها تؤدي إلى التخلف وتحول مجتمعات الربيع إلى كتائب من الإرهابيين والمخربين وجيوش من المتسولين..
مع كل هذا يظل الأمل قائماً؛ لوفرة ولوجود الكفاءات العالية والمتعلمة والمتمكنة على امتداد الوطن العربي وكذلك عزم الشعوب على رفض العودة إلى مربع الفوضى وعصور الانحطاط والتخلف والتكدس في الماضي البغيض، وهي مؤهلة لذلك لأنها مسلحة بالقيم الإنسانية العليا.
محمد علي البارع
الربيع العربي..حلم أم كابوس..؟؟ 1169