إذا رحلنا بذاكرتنا إلى رياضة الزمن الجميل.. واسترجعنا فترة (الهواية) سنجد الفرق شاسع عما هو عليه في السنوات الأخيرة المسماة بزمن (الاحتراف) المنتهج في بلادنا.. نقاط كثيرة استوقفتني وأنا استرجع شريط الذكريات والبداية كانت في اللوحات المكتوب عليها.. (نادي....! الرياض الثقافي والاجتماعي) وهنا بداية النجاح.. هذه العبارة كانت تطبق بحذافيرها، لأنها تكاملية، الهيئات الإدارية للأندية كانت تتمتع بالكفاءة والإخلاص والحرص على الأندية والوطن، والإخلاص والحرص على الأندية والوطن بتطوع بحت، ولعلنا نتذكر أن مخصص الأندية كان لا يزيد عن 70 ألف ريال، والنادي يمارس من 13 ـ 15 لعبة، ليحقق حضور لافت في نصف هذه الألعاب، كنا نرى الإداري أياً كان منصبه يتابع الفريق في التمارين والمباريات ويعالج أي إشكالية قد يتعرض لها اللاعب.. فزادت مساحات الاحترام بين الإداريين واللاعبين إلى درجة كبيرة..
بفضل أولئك الإداريين الكبار ارتفع المستوى في زمن الهاوية وشحة المال.. وزادت ثقافة اللاعبين وهي عوامل ملأت المدرجات بالجماهير التي كانت ترحل مع فرقها على نفقتها الخاصة عشقاً لفرقها وحباً بالنجوم.. تلك الثقافة والوعي كانت أهم أسباب ندرة إصابة اللاعبين فلم تكن إصابة العضلات الضامة.. والخلفية والرباط الصليبي والتمزق موجودة بالصورة التي نشاهدها حالياً.. لأن اللاعب كان يحرص على الابتعاد عن الآفات التي تضر بمستقبله الرياضي والكروي.. (السهر وتوابعه).. ووصل الأمر إلى أن اللاعب كان هو رقيب نفسه بنفسه حفاظاً على مستواه.. صحيح لم تكن المغريات الحالية موجودة (قنوات فضائية أماكن الشيش) وكذا عوامل التكنولوجيا المتقدمة (الأنترنت ومرافقه) التي تحولت منافعها إلى أضرار لسوء استعمالها نظراً لثقافة معظم اللاعبين الحاليين المعدومة.
نعم كانت الإصابات نادرة إلى حد بعيد، رغم أن الملاعب الكروية ترابية وصلبة للألعاب الأخرى. الشيء الآخر الذي ساهم في رفع المستوى.. استجلاب محترفين لا يتجاوزون أصابع اليد لكنهم كانوا مؤثرين في فرقهم لأنهم استقدموا بعناية واختيار دقيق.. تعالوا ننظر اليوم للمستويات التي توازي العقليات الإدارية الموجودة لا رياضة، ولا ثقافة، ولا أندية اجتماعية.. أنهار كل شيء..
ورغم هذه كله نسمع من يتشدق نحن نحث الخطى نحو الاحتراف، الأندية تجلب محترفين ليل نهار.. والجماهير تزداد عزوفاً عن حضور المباريات.. المواهب تنقرض.. المستوى يتراجع الإصابات تتزايد وتقصف عمر اللاعبين في بداية مشوارهم في الملاعب ما هي الأسباب؟\
لم يطبق الاحتراف الذي أصبح علم ودراسة لصناعة الرياضة، البنية التحتية تعاني نواقص ملاعب الأندية المنجزة ليست سوى ملاعب تمرين لافتقارها لمقومات كثيرة هامة، أبسطها المنصة، المدرجات الكاملة، الساعة، حمامات وغرف للاعبين والحكام والأطباء...إلخ موصفاتها خارج نطاق الدولية.
لا يوجد للأندية تراخيص.. لا تسويق ولا استثمارات حقيقية منظمة عبر شركات باستثناء الصقر وشباب الجيل إلى حدٍ ما.. لا توجد عقود مشرعنة للتعامل بين اللاعبين والمدربين مع أنديتهم تحفظ للاعبين والمدربين والأندية حقوقهم على حدٍ سواء.
كما تنص اللوائح الاحترافية التي تشدد على ضرورة تفريغ اللاعبين والمدربين للأندية كلياً مع مقابل مادي مجزي لأن تصبح الكرة تصبح وضيفة لهم، أيضاً جلب المحترفين وصل لحد أصبح كغثاء سيل..
هل يوجد محترف أجنبي بـ700 أو 1000 دولار؟.. محترفين 95% منهم مستوياتهم أقل من اللاعب المحلي الذي وصل لإحباط كبير في مثلها مواقف والمستفيد من جلب محترفين بهذه الطرق اتحاد الكرة لأنهم يخضعون لاستقطاعات مالية نظير الكرت الدولي.. وهو أمر لا يحدث إلا عندنا.. وفي الأخير نصر أننا على درب الاحتراف سائرون.. وما أراه إلا حراف وخراف.
باسم عبدالحفيظ
رياضتنا بين زمن الهواية المتألقة والاحتراف الحراف 1779