لقد جفت الدموع وتجمدت الأحداق, فلم يعد لدينا خيار إلا أن نتدثر بالحزن الدائم . ...أسبوعين من الحزن, حزناً لشهداء وزارة الدفاع, ولشهداء شوارع تعز ( ولشهيدة الطفلة البريئة– والطفل سفيان المعتدى عليه جنسياً وجسدياً في تعز ), ولشهداء كل اليمن من أبطال قواتنا المسلحة ورجال الأمن الذين يستهدفهم المتصارعون من الجانبين, فلم يتوانون عن تقديم المزيد من التضحيات بصمت المحبين وإقدام المخلصين لهذا الوطن, الذين يتوارون عن الحياة دون أن يشعر بتضحياتهم أحد. والطيارات بدون طيار لها حكاية أخرى تغتال الأبرياء في منازلهم لا تفرق بين طفل ولا شيخ. ولا نزال نبكي ونحزن على شهداءنا نتوقع كل يوم أن نكون منهم ولا نعرف موعداً لتجفيف دموعنا, ولا نهايةً لأحزاننا إلى اليوم. .. أين نهرب من أحزاننا المتوالية في هذا العام المشئوم؟ أما آن لهذا الحزن الثقيل أن يرحل عن قلوبنا وعقولنا وأجسادنا ؟ أم آن لنا أن نصحو من غفلة الموت الذي نوزعه على بعضنا يومياً؟ دماؤنا صارت أرخص من مداد الحروف الذي ننعى بها أنفسنا, الموت يحيط بنا جميعاً من كل جانب, لماذا كل هذا الدمار ؟ من المستفيد من كل هذا؟ !! لماذا كل هذا الحقد على بعضنا ؟ ماذا جرى لنا نحن اليمنيين الأرق قلوبا وألين أفئدة ؟ فقدنا حكمتنا فاخترنا الموت طريقاً لحل مشكلاتنا, ( تصفيات الحسابات ). . على حساب الأبرياء الذين يودون واجبهم الوطني, وعلى حساب أطفال اليمن الأبرياء . نغتال الرحمة في قلوبنا ؟! نقتل المشاعر الإنسانية لدى أجيالنا القادمة ؟! ننمى الحقد على بعضنا بطريقة لا تليق بتاريخنا ؟! نغرس الإدمان على منظر الدماء ؟ّ! لماذا كل هذا الحقد والغل على بعضنا ؟! فقدنا القيم النبيلة لديننا, ماذا سيكتب التاريخ عنا يا ترى ؟!
يحق لنا أن نحزن، وأن نبكي كل يوم ألف مرة ليس على موتانا فحسب، بل على الرحمة التي نزعت من قلوبنا، وعلى الإنسانية التي تخلينا عنها ثم انتفضنا لتحقيقها بقتل بعضنا بدم بارد، لم نعد نجد حرمة لكبير ولا صغير ولا شيخ ولا طفل، الكل متساوون في خانة نيران الموت، نيران الحقد المجنون، التي يدعي أصحابها أنهم يدافعون عن حقوق الإنسان. هل في هذه الدنيا ما يستحق أن نقتل بعضنا من أجله؟!! وهل وصل بنا الغباء إلى درجة أن يعد القتل هو السبيل الوحيد لتحقيق أهدافنا؟!! ماذا نفعل ببغضنا هذه الأيام؟!! تباً للسلطة وتباً للكراسي، وتباً للمال، وتباً لكل متاع الحياة الدنيا الفانية، ولا بارك الله في حق يستعاد بدماء المسلمين. . وبشرى للشعب اليمني باعتلاء صهوة أحزانه الأبدية إن ظل الحقد والغل والفرح بالموت والاحتفال بالدماء. . ويا حزني لا ترحل؛ فقد صرت رفيقي الأبدي في بلد صار الموت فيه أسهل من الحوار، وصارت نافذة الفرح الوحيدة لدينا هي أن نستمتع بموت بعضنا بيد الآخر!!..إقامة ياقوت العواضي كل شيء ذهب أدراج الرياح سنوات الكفاح الأحلام المكللة بالأمل تكللت بالجراح أماله العريضة استحالت ألم حاضر دام في الذاكرة الدموع تلاشت ونزيف الدم المستمر استقر في أعماق قلبه شيء ما فقده بفقدها. أتراه الحياة أم هو الخوف ؟أكان لابد أن يمر بهذه التجربة ليدرك أن لا مكان له إلا في وطنه أتراه حقا وعى الدرس ؟ وهل هو حقاً مستعد للعودة ؟ ما بين الأمس واليوم امل في التغير واندثار حلم , بقايا حنين وحنين مستمر, رغبة متوقده وواقع مر، هواجس شتى مرت في خاطره وهو يعبر بوابة الحدود ليعود أدراجه إلى وطنه سنوات مرت كافح فيه لتحقيق حلم واحد عله يشعر بالأمان ترك كل وعوده خلفه وخلف حنينه وواقعه المر الذي فر منه اليه, رغبة في تغيره تحمل الإهانات وعمل أعمال كان يأنف من مجرد التفكير فيها كل ذلك لكي يحصل عليها وفي اليوم الذي حصل عليها شعر انه ملك الدنيا بما فيها وادرك أن رحلة معاناته انتهت ولم يتبقى أمامه إلا أن يرسم خطواته المستقبلية؛ علها يسدد كل ديونه فالأهل يعولون عليه الكثير. ما كان بيدهم أعطوه له ليتسنى له السفر وعندما أراد الحصول على الإقامة وعجز عن سداد ثمنها بالمال الذي حصله طلب منهم ليعينوه كان يعلم انه ليس بإمكانه مساعدته إلا أن يستقطعوا من قوتهم الشخصي وليت هذا ينفع عندما ارسلوا له طلبه ادرك انهم استدانوا النقود وها هو يعود اليهم خالي الوفاض لا يمتلك ما يسد رمقه مخلفاً أحلامه وأحلامهم خلف ظهره في بلد ظل سنوات يحلم بالوصول اليه وعندما وصل تحول الحلم إلى كابوس شعر انه خلف جهنم خلف ظهره ومع ذلك ما ان داست قدماه ارض الوطن حتى شعر بنيرانه تلفح وجنتيه.
فؤاد المجيدي
في مثلك يا بلاد الحكمة يحلو الحزن...!! 1514