فاجأنا مفتي الديار المصرية ا.د. شوقي علام بفتوى "عسكرية" جديدة، يفتي فيها بأن الموافقة على دستور الانقلاب "واجب شرعي"!!
ولا أدري على أي دليل يستند فضيلة المفتي؟ هل لأن دور الأزهر وهيئة كبار العلماء تم تهميشهما في وثيقة عمرو موسى، أم لتحصين وزير الدفاع، أم لإلغاء المادة (219) الذي كان للأزهر دور كبير في وضعها، أم لعشرات المواد المحذوفة من الدستور الشرعي (2012م) والتي تدور حول الهوية الإسلامية والعربية لمصر، وحول التنمية الشاملة والاستقلال الوطني، أم لأن الأنبا بولا أسقف طنطا قال: "نذكر بكل خير مفتي الجمهورية الدكتور شوقى علام لمرونته وسماحته بتخليه عن لفظ "وفقا للشريعة" وموافقته على أن تكون المساواة وفقا لمواد الدستور"!!. والله تعالى يقول: "وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ". سورة البقرة: 120. ؟؟!!.
استند فضيلة المفتي إلى أن الموافقة على وثيقة عمرو موسى هي طريق الاستقرار لمصر، ولم يعتبر فضيلته بكلام سلفه البائس مفتي الدماء، ولا بفتوى شيخه أحمد الطيب التي أيد فيها الانقلاب بحجة أنه أخف الضررين، وقد اتضح الآن بما لا يشك فيه من له أقل حظ من عقل ما أخف الضررين! ..
لكنه لم يلتفت إلى الدماء والشهداء والجرحى والإجرام الذي حدث ويحدث في شوارع مصر ... أعمى فضيلته عينيه عن شوارع مصر التي تخرج بالملايين يوميا، ولن يزيدها إقرار دستور بالإكراه أو بفتاوى دينية مسيسة إلا إصرارا وعزيمة وتصميما على إسقاط هذا الانقلاب الغاشم الآثم الذي تجب مواجهته وكسره لخطره على الهوية الإسلامية لمصر، وعلى التنمية الشاملة، وعلى الاستقلال الحقيقي، وعلى كرامة الإنسان وحريته.
إنني أشتم رائحة المفتي السابق في هذه الفتوى، وأعلم أن له تأثيره على المفتي الحالي ..
لكنني أود أن أقول للمفتي الحالي: إنك جئت بالانتخاب، ولن يضيرك أن تقول كلمة الحق، ولن ينفعك العسكر ولا سلفك الملفوظ، ولو كنت مكانك لوقفت ضد الانقلاب من أول يوم، وليكن ما يكون، ولا تركن إلى مفتي الدماء لأنه أباح دماء معصومة، ولأنه ظلم، وأنت تحفظ قول الله تعالى: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (113)". سورة هود.
يا فضيلة المفتي: احفر لنفسك مكانا في التاريخ، واحرص على رضا الله تعالى، ولا تكن عونا للظالمين المجرمين، وأرجو أن يكون إدراكك لسنن الله في الكون والحياة أوسع من هذا، ولا تتلبس باللحظة الراهنة، ولِأَنْ تقول كلمة الحق وألا تخاف في الله لومة لائم أشرف لك من أن تسير في الركاب، وتقف على الأعتاب، وتسير خلف الضالين المضلين المنافقين؛ فيكون مكانك في مزابل التاريخ، وتطاردك دماء الشهداء ولعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين!.
د. وصفي عاشور أبو زيد
مفتي مصر و دستور الانقلاب!! 1389