كثير هو الحديث عن جامعة صنعاء والتعليم العالي بشكل عام، وما تمر به الجامعة من أحداث, ولكن قليل هو الحديث عن مخرجات الجامعة التي وللأسف لا تغير شيئاً سوى أنها أنهت مسيرة أربع سنوات من عمر الطالب في لا شيء.. فالطالب يتخرج من الجامعة وهو لايزال بعقلية طالب الثانوية, لم تغير الكلية في مستواه التعليمي شيئاً..
إن حلم كل طالب يدخل الجامعة هو أن تجعل الجامعة منه شخصاً مختلفاً, شخصاً ذا أهمية وذا نفع لمجتمعه, ويشعر بأنه إنسان له احترامه كجامعي، ولكنه في الأخير يكتشف أنه عاش وهماً كبيراً، لأن مخرجات الكلية التي درس فيها لا تخدمه في الحصول على الوظيفة التي يريدها، وعندها يذهب إلى الاصطفاف بجانب إخوانه السابقين في رصيف البطالة.. وسبب ذلك هو أن الطالب عندما يصل إلى الجامعة يجد منهجاً قد عفى عليه الزمن، وبعض الأساتذة يُدرسِ ما كان يدرسه في السبعينات والثمانينيات- طبعاً في الجامعات اليمنيةـ فالأستاذ بحاجة الى تطوير نفسه أولاً قبل أن يطور المجتمع.
التعليم الجامعي هو تعليم عالٍ؛ مهمته هي إعداد متخصصين وتخريج خبراء في كل المجالات، ولكن كيف نريد أن نجد هؤلاء وقانون التعليم العالي الذي كتب عام 1992م متخلف، والدولة أيضاً لا تمتلك رؤية وفلسفة لمفهوم التعليم الجامعي، لذلك فالإجراءات التنفيذية كلها خاطئة, لأن هناك خللاً في بنية الجامعة، ومخرجات الجامعة لا تلبي طموحات المجتمع وسوق العمل، ولا تتواكب تطورات العصر ولا تأخذ بما هو جديد لتواكب الآخرين .
وما يزيد الطين بلة هو التدخل السياسي والحزبي داخل الجامعة, فتدخل الجهات الخارجية داخل الجامعة بدءاً من تعيين رئيس الجامعة ونوابه والعمداء سواء بقرار سياسي أم بقرار من القبائل والأحزاب، وبالتالي التدخل يفقد الجامعة استقلاليتها ويحولها إلى مكان للصراع السياسي.. والعملية التعليمية أصبحت سياسية أكثر منها حرفية أو تعليمية، فأستاذ الجامعة بدلاً من أن يكون رسولاً وحاملاً لشعلة العلم الذي ينور طريق الشباب داخل الجامعة أصبح ممثلاً لقوى حزبية وقبلية متصارعة.
الآن نحن بحاجة فعلاً الى إبعاد الحزبية والطائفية عن أسوار الجامعة، نحن بحاجة أيضاً إلى عملية تغييرية وتوعوية بكل المفاهيم والمقاييس لتنطلق حالتنا من هذا الركود وهذا التعفن.
هيثم الحصباني
الجامعة لا تغير شيئاً 949