ببراءة خالصة وبعيداً عن أي خُبث سياسي أو تمصلح شخصي أضع الأسئلة التالية: هل العصيان المدني في أرضنا الجنوب صالح كوسيلة نضالية ضد سلطة الاحتلال الشمالي؟, وهل السالف من أيام العصيان التي نفذناها في جميع مدن الجنوب أتت بحصيلة نستطيع تقييمها بأنها أضرّت سلطة الاحتلال؟.. إذا كان الجواب نعم فيا ترى كم هي الخسائر التي تكبدتها السلطة الاحتلالية فيما انصرم من أيام العصيان التي نفذناها؟!.
أجزم أنه لا يوجد جواب لسبب بسيط وهو أن مصالح دولة الاحتلال لم تتعطل بدءً من حقول النفط والمصافي والموانئ والمطارات.. إلخ..
وهنا يتوجب أن نقول وبغاية الصراحة إن العصيان بقدر ما جسّد مستوى تجاوب مواطنين الجنوب مع دعوة قيادته فإن استمراره على ذات الطريقة التي يهواها البعض سيؤثر سلباً على المسار السياسي للحراك الجنوبي بصورة عامة, وعندئذ نرى أن المصارحة بالحقائق ضرورية وملحّة وبخاصة ما يتعلق بالعـصيان المدني تحديداً، فلقد تبين ملموساً مما أنصرم على هذا الصعيد أن المتضررين من استمرار العصيان بتلك الطريقة هم أبناء الجنوب، فظروفهم المعيشية لا تحتمل تنفيذ يومين عصيان في الأسبوع، وإذا ما قُدّر أن يفرض هذا فأنه على أي حال سيضعـف من التفاف الجماهير حول الحراك وسيفرز نتائج غير سارة وليس في هذا الذي أطرحه من باب التخمين ولكنه مبني على معطيات منظورة ومسموعة مصدرها الشارع الجنوبي.
لذا لابد من مراجعة هذا الأمر وعلى مستوى من المسئولية والتدبر والتفكُّر.. وإني هنا لا أقصد التخلي عن فكرة العصيان أو التقليل من شأنها أبداً، فهو- أي العصيان المدني- وسيلة نضالية يجب أن تستمر والمطلوب فقط هو التقنين وبحيث تكون المدة بين يوم عصيان وآخر معقولة ومقبولة شعبياً ليكون الاستعداد لها مرغوباً ومجسداً لمستوى التناغم بين القيادة والجماهير، وهذه هي الرسالة المأمول إيصالها إلى الرأي العام الخارجي حتى يفهم جيداً مدى قوّة علاقة الحراك بجماهيره.. ثم إن المهم والأهم هو توحيد الصفوف وتذكية سُبُل النضال الأكثر فعالية ضد المحتل، وليكُن في يقيننا أنه ليس بالعصيان وحده تحرر الأوطان.
قائد دربان
ليس بالعصيان وحده تحرر الأوطان! 1258