لا ينبغي أن تقتصر أنشطة المجتمع المدني على ما هو مادي وبيولوجي واقتصادي، بل ينبغي أن تتجاوز ذلك إلى تحقيق المنجزات الثقافية والفكرية عن طريق محاربة الأمية بكل أنواعها (الأمية الأبجدية، والأمية الوظيفية، والأمية الإعلامية، والأمية اللغوية، وأمية نقص التكوين).
ولعل من بين المهمات التي يتكلف بها المجتمع المدني تحديث الوطن والأمة وإشاعة العقلانية وتحقيق التنمية البشرية والعمل على تحصيل التنمية المستدامة وتطوير المجال العلمي والمعرفي عن طريق تشجيع البحث النظري والتطبيقي ودعم التطور التكنولوجي وتنمية المجال الصحي والرفع من مستوى الدخل البشري.
وبحسب الكاتب العربي أيمن نسمان تزداد أهمية المجتمع المدني ونضج مؤسساته لما يقوم به من دور في تنظيم وتفعيل مشاركة المواطنين في تقرير مصائرهم، ومواجهة ما يؤثر في معيشتهم ويزيد من إفقارهم، ولما يقوم به من دور في نشر ثقافة خلق المبادرة الذاتية، وثقافة بناء المؤسسات، وثقافة إعلاء شأن المواطن، والتأكيد على إرادة المواطنين في الفعل التاريخي، والمساهمة بفعالية في تحقيق التحولات الكبرى للمجتمعات.
ينبني المجتمع المدني على خدمة مصالح الأفراد والمجتمع ومصالح المواطنين عن طريق اقتراح منجزات تنموية تستهدف الرفع من قدرات المواطنين وتحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية وتوعيتهم سياسياً لتحمل مسؤولياتهم التاريخية للمساهمة في تفعيل التنمية المستدامة.
يشار إلى أنه لا يمكن تحقيق التنمية الحقيقية إلا بإرساء مجتمع الديمقراطية والعدالة ودولة الحق والإنسان والمواطنة الصالحة ونشر العلم بين كل أفراد الشعب وتوزيع الثروات بكل إنصاف وتشغيل العقل والمنطق وتغيير العقليات الموروثة وتحرير العقل من أي فكر مسبق وإعطاء الأولوية للتجريب العلمي والاختراع التقني عن طريق تطوير التعليم والتربية وإعلاء خطاب التسامح والانفتاح على الآخر وإرساء الفكر الفلسفي الإيجابي الذي يساهم في اختراع النظريات وإثراء التجارب التطبيقية الناجعة لتحقيق مجتمع مزدهر يؤمن بالديناميكية والفعالية السياسية القائمة على المشاركة وخدمة الصالح العام.
وتنبني التنمية في جوهرها على أربعة عناصر أساسية وهي: الإنتاجية والمساواة والاستدامة وتمكين المجتمع المدني بقوة التمثيل السياسي للمشاركة في اتخاذ القرارات الصائبة من أجل المساهمة في تحقيق التنمية البشرية الفضلى، لكن تبقى العقلانية والحرية والديمقراطية وتسييد خطاب حقوق الإنسان والارتكان إلى المبادرة الحرة من الأسس الفعالة لترجمة التنمية إلى الواقع الفعلي.
إيمان سهيل
لا تنمية بدون مجتمع ديمقراطي 1395