كمجتمع يمني أتحدث هنا عما يجب أن يكون نصيباً لبيئةٍ مسلمةٍ تختزلُ أسرةً مسلمةً سيكونُ وليدُها الطبيعي فتاةٌ مسلمةٌ تبذرها يَدا المعروفِ وتحصدها عقولُ وقلوبُ الأمةِ المسلمةِ.
أقصد في حديثي الأسر المحافظة - وهي كثيرة في مجتمعنا- لا الأسرَ التي بدأ انفراطُ القيمِ والحفاظِ لديها يتبعثر أكثر من اللازم الغير لازم.
إذا كانَ العملُ الإعلاميُّ للمرأةِ المسلمةِ سيُباشَرُ في خدمةِ الدينِ والدعوةِ الإسلاميةِ وإنتاجِ مجتمعٍ أخلاقيِّ كنتيجة غير مستغربةٍ لتعبئةٍ مضادةٍ وتغطياتٍ إعلاميةٍ معتدلةٍ غيرِ متطرفَةٍ نابعةٍ من صميمِ فلسفتهِ الحضاريةِ وتقاليدهِ الساميةِ كـأن تكون: مقدمةً أو محررةً أو معدةً أو مخرجةَ برامجَ دينيةٍ أو ثقافيةٍ أو اجتماعيةٍ أو توعويةٍ تنبثقُ من روحيةِ الإسلامِ، وتخدمُ ثقافتَهُ وفكرتَهُ الأساسيةَ أو أن تكون المتخرجةُ كاتبةً محترفةً مخضرمةً تنسفُ بقلمِها كلَ ظالمٍ وتواسي كلَ مكلومٍ آلمٍ، تُقَرِبُ به البعيدَ وتواري به ما لا يُضِرُ إن سُكِتَ عنه وهَدَمَ إن ذاعَ صِيتُه في أن يكون سبيلاً لتحقيقِ مقابلٍ سامٍ أنفعُ للقِوى والتوجهاتِ المجتمعية؛ فتؤلفُ وتقاربُ وتُسَدِدُ، وكلُ ذلك ينطلقُ من شعورِها بالمسؤوليةِ تُجاهَ رَبِهَا في حملها زمامَ دعوتِهِ وخدمةً لوطنِها وأمتِها؛ حينها أعتقدُ أنهُ من غيرِ الممكنِ لمسلمٍ عاقلٍ بمكانٍ أنْ يناهضَ هذا العملَ أو أن يعاديَهُ لسببٍ رئيسيٍّ وهو: تَحتُمُ اضطلاعِ الفتاةِ المسلمةِ المتمَكِنَةِ في عملٍ كهذا (الإعلام) والذي فرضتهُ علينا تلكَ الموجاتِ المنحرفةِ المناهضةِ للقيمِ والأخلاقِ الزكية، والتي تُستخدمُ فيها الفتاةُ غيرُ المسلمةِ والمسلمةِ كـ: سِلعَةٍ تُروجُ لِكَسبِ مُشاهدينَ، ولعائدٍ ماديٍّ، ولغرسِ ثقافات، وقد وجبَ علينا مواجهةُ ذلكَ المدَ بالوسيلةِ ذاتِها، لكن بصورةٍ مختلفةٍ، وبطريقةٍ محترمةٍ، ولدعوةٍ وأهدافَ مغايرة (أهدافٌ راقيةٌ ونفيسةٌ توجِهُ نَحو الازدهارِ الفكريِّ والمعلوماتيِّ والمعاملاتيِّ)، وبالتأكيد أنَّ هذا التوجُهَ الذي ستقودُهُ الفتاةُ الإعلاميةُ المحافظةُ على تعاليمِ دينِهَا ومجتمعِهَا يتسمُ بالنفْعِ ويعودُ عليها وعلى الجمهور المشاهدِ لها بالإيجابيةِ، وأجزم أن كثيراً من المثقفينَ والمفكرينَ وبسطاءَ التعليمِ من المحافظينَ في المجتمعاتِ المسلمة لا يميلونَ إلى مشاهدةِ سيناريوهاتِ الانحلالِ والإباحيةِ أو العنفِ أو - حتى- الفكاهيةِ المفرطةِ في معظمِ الأحيانِ، بل تجدُهُم يميلونَ إلى البرامج والمشاهد الأكثر نفعاً والأقدر على خدمتهم وإشباعِ رغباتِهم المتلائِمَةِ مع طبيعتِهمُ الرفيعة كنُخبَةٍ إما مثقفةٍ أو ملتزمةٍ بمسؤوليتها في مجتمعٍ قد لا يكونُ مسؤولاً في تصرفاتِه ورغباتِه بل كُتب عليه أن يكون مسؤولا،ً فهم يبحثونَ عن المادةِ النافعةِ في شتى المجالاتِ بأسلوبٍ متَمَكِن يحترمُ عقولَهُم وقيمَهُم التي يسعونَ للمحافظةِ عليها وتوطيدها وتوسيعها في ذواتِهم وتعاملِهم والتي ستكونُ البرامجُ الفاعلةُ التي تقدمها الفتاةُ المسلمةُ التي حملتْ على عاتِقِها خدمةَ دينِها وجمهورِها بالشكلِ الذي يريدونه ويرتضيه الله.
ومن غيرِ المقبولِ والمرغوبِ عند شريحة واسعةٍ من المجتمعِ اليمنيِّ أنْ تتخرجَ لدينا من كليات الإعلام والآداب فتياتٌ برتبةِ فنانةٍ (مغنية ، ممثلة ، راقصة ، موسيقارة) أو مقدمة برامج (فنيةٍ هابطةٍ أو ثقافيةٍ جريئةٍ أو اجتماعية دخيلةٍ) أو مخبرةٍ متحررةٍ تُستَخدمُ لخدمةِ قضايا جهةٍ سياسيةٍ مؤدلجةٍ أو حزبٍ كهنوتيٍّ أو طائفةٍ مبتدعةٍ، من غير المقبول - رغم حقيقيته وقبوله لدى شريحةٍ ضئيلةٍ في المجتمع- أن تُنتجَ لنا الجامعاتُ وال والهيئاتُ ناشطةً حقوقيةً تسعى للمز والهمز ضد شريعةِ الإسلامِ والطعنِ في قواعدَها وأحكامَها وتشريعاتِها بحجةِ الدفاعِ عن حقوقِ الطفلِ والمرأةِ والحيوانِ متناسيةً أنها قد انتُهِكَتْ وحقوقُها من مغرروها، وقد وَأَدَهَا هؤلاءِ وهي تسيرُ على الأرضِ عندما استطاعوا أن يغسِلوا أفكارَها ومعتقداتِها؛ فجعلوها أداةً يوظفونها جاريةً لديهم تخدم أفكارهم وثقافاتهم المستوردة التي يريدون بها تمزيق أواصرَ الاستقرارِ والتوازنِ الذي تعيشُه الأممُ المسلمةُ، ومتناسيةً أن المظلومينَ - عموماً- والمرأةَ - بشكلٍ خاص- لم ترَ النورَ إلى قبل أربعةَ عشرَ قرنًا؛ عندما حررها "محمدٌ المسلمْ" من كهنوتِ الجاهليةِ وسُحقِ الدفنِ؛ فأعطاها كلَ حقوقِها، وكرمَها أَجَلَّ تكريم، وأقرها شقيقة الرجل وشريكته، وأمرَ الرجلَ بالرفقِ بِها، والسكونُ إليها ورفعَ منزلتَها فوقَ الجنة؛ فأنزلَ الجنةَ تحتَ قدميها، فتسعى جميعُ هذه البرامج الذي تُستخدم فيها الإعلاميةُ (المسلمةُ التائهة) بقصدٍ منها أو دونَ قصدٍ وبشعورٍ من المشاهدِ أو دون شعور، بطريقةٍ مغريةٍ للجاهلِ بها ومغرضةٍ لمدركها- تسعى- إلى خلخلةِ التماسكِ المجتمعي وتفكيك قيمهِ وتذويبِ عاداتِه وأخلاقياتِه التي لم يبقَ لهُ كـيمني سِواها في هذا العالمِ المتلاطِمِ، المتعالي، المتساقط؛ حينها يجب تحريمّ تلكَ المخرجاتِ كـ:قيمٍ مجتمعيةٍ شذت عن طريقِ الصوابِ - رغمَ صعوبةِ ذلِك لواقعيتِه، واختلاف الأشخاص وأهدافِهم وقناعاتهم بتعدد واختلاف المشارب والموارد والأفكار، ولكن وجبَ تحرِيمُه ونكرانُه بالقلبِ والرغبة عنه إلى غيرِهِ مما ينفعْ، ناهيكَ عن الاشمئزاز والامتعاضِ العفوي (غير الإرادي) من قبلِ المجتمعِ تُجاهَ تلكُمُ النِسوةُ المُسلماتِ اللاتي تحورنَّ عن واجبهنَّ الذي خُلقنَّ لأجله.
أسألُ اللهَ أنْ يهدِيَهُنَّ ويهدِيَنَا جميعاً.
عبد الرحمن جابر
نحن والمرأة 1140