خلال فترة حكم "مبارك" استطاع أن يخلق جهازًا هضميًّا يمتص خيرات البلد ومقدراتها ضمن إطار شبكة مصالح، كان هو فيها رأس لجسد أخطبوطي أذرعه الرئيسية هي: الجيش- الشرطة- القضاء- رجال المال والإعلام.
مع مرور الوقت تحوَّلت تلك الأذرع إلى دويلات داخل الدولة، كل ذراع فيها يدير شبكة مصالحه، ويلتقون من خلال الرأس في مصلحة مشتركة حافظت على الشكل "الديكوري" للدولة.
حين فصل الشعب بثورته الرأس عن الجسد، انكشفت تلك الدويلات، وأيقنت أن الرأس المركب على جسد الفساد لم يعد صالحًا للاستمرار.
فانقلبت دويلة الشرطة سريعًا بعد توبيخ مبارك للعادلي، وأصدر الأخير أوامره لدويلته بالانسحاب من الدولة المركزية.
ونفس الشيء بصورة أكثر لياقةً تمَّ من دويلة الجيش، فبعد محاولة الجيش المحافظة على الرأس وإعطائه فرصة، ثم ضياع تلك الفرصة، ضحَّى الجيش بالرأس مع الحفاظ على مقدرات الدولة في يديه ريثما يعيد ترتيب الأوراق.
أما دويلة القضاء، فقد كان دورها الحفاظ على دويلات المصالح لحين تركيب رأس جديد يصلح لهذا الجسد، وقامت في سبيل ذلك بمحاربة وإقصاء كل الكيانات المنتخبة، وإخفاء الأدلة الكاشفة لدويلات الفساد.
أما الإعلام فكان يمثل الغطاء الجوي لما يدور على الأرض بتكوين سحابة دخان تعمي أكبر قدرٍ من الشعب عن رؤية تحركات المفسدين.
كان من الطبيعي جدًّا حسب التصرف الغريزي لهذا الجسد السرطاني أن يلفظ أي رأس شريف يسعى لتطهير البلد من الفساد.. وهذا بالضبط ما حدث مع الرئيس "محمد مرسي".
وليعلم الشعب المصري أن المسألة ليست في الرئيس "مرسي" ولكن أي رئيس آخر اليوم أو غداً سيسعى لمحاربة الفساد والسعي لاستقلال إرادة القرار المصري سيلفظه هذا الجسد الخبيث .
والاختيار الآن للشعب: إما أن يظل قوتاً لهذا الجسد السرطاني، وإما أن يقف خلف الرئيس الشريف الذي تآمروا عليه.. فهذا الجهاز الهضمي لن يتوقف عن امتصاص خيرات الشعب إلا إذا تحول كل مواطن شريف إلى شوكة تخرق تلك الأمعاء، وتجرح تلك البلاعيم النهمة.
على الشعب الذي تحرك اليوم لإعادة رئيسه المنتخب بوعي كامل بقضيته وعدالتها وقدسيتها وسلامة المنهج السلمي الذي ينتهجه، أن يظلَّ في الميادين بعد عودة الرئيس ولا يغادر الميادين إلا بعد قطع الأذرع الأخطبوطية لهذا الجسد السرطاني.. تجربة السنتين ونصف من عمر الثورة أثبتت ذلك، لا حديث عن تنمية وتقدم وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية إن لم تقطع رءوس الفساد.
م. محمود صقر
كونوا شوكا في حلق المفسدين 1352