الاجتماع الأسبوعي للحكومة في أي بلد يعد من الفعاليات المهمة التي يترقبها الكثيرون لما يصدر عن هذا الاجتماع من قرارات ذات علاقة مباشرة بهموم الناس وقضايا التنمية والبناء الداخلي.
وفي هذا الجانب فقد لفت انتباهي عصر يوم الثلاثاء الماضي وأنا أتابع خبر الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء برئاسة الأستاذ/ محمد سالم باسندوة قيام المجلس بتشكيل لجنة وزارية لإعداد الإجراءات الخاصة بتنفيذ النقاط العشرين التي رفعتها اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني والنقاط الـ 11 المقرة من فريق القضية الجنوبية في المؤتمر وذلك لأهمية تشكيل مثل هذه اللجنة الوزارية التي ستعنى بوضع مصفوفة الخطوات التي سيتم من خلالها إزالة كل المظالم التي لحقت بأبناء المحافظات الجنوبية على مختلف المستويات ناهيك عن أن هذه اللجنة لن يتوقف دورها فقط على إعادة ترميم الشروخ التي أصابت الجسد الوطني بل أن ما ستنتهي إليه من إجراءات سيمهد الطريق أمام نجاح مؤتمر الحوار الوطني في التأسيس لمستقبل واعد لبلادنا.
وغني عن القول أن مثل هذه الخطوة قد أنهت جدلاً واسعاً حول مدى جدية القيادة السياسية والحكومة في معالجة القضايا العالقة في الجنوب ومحافظة صعدة كما أنها برهنت على أن هناك توجهاً حقيقياً من كافة الأطراف من أجل طي صفحات الماضي بكل جراحاتها وماسيها وآلامها والالتفات نحو بناء اليمن الجديد وبدء مرحلة جديدة تقوم على التسامح والوئام والشراكة الوطنية .. ومع ذلك فان هناك من يقترح على الحكومة وبالتزامن مع ما بدأت به أن تعمل على تكريس نوعاً من اللامركزية في الاجتماعات الأسبوعية التي جرت العادة أن تكون في العاصمة وفي مجلس الوزراء تحديداً وذلك بنقل هذه الاجتماعات في الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية إلى محافظات عدن وحضرموت وشبوه وصعده وبما يعطي رسالة واضحة من طرف الحكومة للرأي العام المحلي بان الوطن اليمني كل لا يتجزأ وان الحكومة لن تتوانى عن تنفيذ التزاماتها ومقارباتها من اجل التنمية وحماية الوحدة الوطنية والحفاظ على الاستقرار والسكينة العامة في جميع مناطق اليمن بما فيها المناطق التي تكتنفها الهواجس الأمنية.
أن فكرة انعقاد الاجتماع الأسبوعي للحكومة خارج العاصمة ستكون لها مردودية كبيرة اذا ما تمت بشكل مدروس ومنسق ووفق ألية ومنهجية تراعي حل القضايا المرتبطة بالناس في المحافظات المحتقنة أو تلك التي تنشط فيها العناصر الانفصالية بل أن استراتيجية كهذه ستسهم في تسويق الإرادة السياسية إلى الأخر في الخارج بغية تغيير الصورة النمطية السائدة في أذهان البعض عن الأوضاع في اليمن.
أقول هذا وأنا أتذكر في سياق ذي صلة انه وبفعل بعض الأحداث الأمنية وما صاحبها من هرج ومرج في وسائل الإعلام فقد توقفت نهائياً حركة الزائرين الذين كانوا يتدفقون على محافظة عدن من جميع دول الخليج لتفقد هذه المحافظة مورداً مهماً وفرصاً واعدة كان بإمكانها أن تجعل من هذه المحافظة المتميزة بموقعها الاستراتيجي وطبيعتها الخلابة واجهة للسياحة والاستثمارات العربية والأجنبية ولكن فقد تبخرت كل تلك الأحلام وذابت كقطعة ملح في البحر نتيجة بعض الممارسات الخاطئة والأفعال الطائشة .. وفي تصوري أن انعقاد بعض الاجتماعات الأسبوعية للحكومة في عدن سيطمئن المواطن والزائر على أن عدن وجميع محافظات اليمن في طريقها إلى استعادة عافيتها وانها باتت على مشارف عصر جديد من الاستقرار والأمن والسلام.
فاصلة أخيرة:
لقد أصبح الحديث عن القمامة في العاصمة صنعاء نوعاً من الروتين الممل بعد أن صار جزء من الحياة اليومية لقاطني عاصمة مترامية الأطراف تتمدد أحياؤها كالفطر في كل الاتجاهات كما أصبحت هذه العاصمة على مرأى ومسمع من الجميع في الدولة والحكومة والسلطة المحلية مثقلة بـ 35 منطقة عشوائية تحتل 50% من مساحة العاصمة ويقطنها 35% من نسبة سكانها ورغم هذه الوضعية المزرية فان هناك من يصر على اغتيال أية فرصة لقيام عاصمة عصرية وذلك عبر تقسيم هذه العاصمة إلى كيانين (الأمانة والمحافظة) في تجاهل غريب ومريب لمعاناة المواطنين الذين صار العديد منهم تتنازعهم سلطتان حكوميان أكان ذلك عند جباية الضرائب أو الزكاة أو رسوم النظافة أو غير ذلك.
وعليه فان تقسيم العاصمة إلى جزئين والحاق اكثر من مليون مواطن بصورة اعتسافيه وغير قانونية بمحافظة صنعاء وحرمان مناطقهم من الخدمات والمشاريع التطورية التي يحصل عليها إخوانهم في الأمانة لا يعني سوى تحويل نصف العاصمة إلى مقلب للنفايات تقتات عليها القطط والكلاب في مشهد مخز ومخجل يوحي وكأننا أمام عاصمة للقمامة وليس عاصمة سياسية تعطي للدولة هيبتها وترفع من شأنها وتظهرها أمام العالم بالمظهر الحضاري الذى يليق.
وحسرتي على عاصمة تضيع بين مطرقة النفاق الحكومي وسندان مسؤولين يعانون أزمة ضمير تعكس الواقع المر الذى نعانيه في أبهى تجلياته.
علي ناجي الرعوي
مجلس الوزراء خارج العاصمة!! 2750