يُروى عن أحد الأعراب قوله: «ها قد أطل علينا رمضان.. والله لأشتتنّ شمله بالأسفار».. هذا الأعرابي الجلف استثقل الشهر الكريم, فمضى يتوعد بالاحتيال على فريضة الصيام عبر بوابة السفر التي تمنح المسلم رخصة الإفطار.
طريقة تفكير هذا البدوي الذي عاش قبل مئات السنين إزاء شهر الرحمة والغفران كانت نتاجاً طبيعياً كما هو واضح لجهله العميق لفضائل الصوم وللحكمة الربانية العظيمة من الإمساك عن المفطرات.. لكن تلك الطريقة السطحية البليدة تطورت في عصرنا الراهن إلى طرائق شتى أكثر سطحية وبلادة عند كثير من الناس ممن أصبحوا يتعاطون مع شهر الهدى والفرقان بعيداً عن تجلياته الروحانية وقدسية ونقاء لحظاته المباركات.. فمنهم من يرى في رمضان مغنماً مادياً وفرصة سانحة لكسب الأموال واستغلال الإقبال الكبير من العامة على المواد الاستهلاكية لبيع كل شيء وأي شيء حتى لو كان فاسداً وغير صالح للاستخدام الآدمي دون رادع من ضمير أو خلق، ومنهم من يجد في هذه المناسبة الدينية العظيمة محطة مثالية للاسترخاء والكسل والخلود إلى النوم طوال ساعات النهار والتهام أكبر كمية ممكنة من الأطعمة بحلول المساء ويبقى القليلون ممن يدركون حقاً فضائل ونفحات الشهر الكريم.. ونسأل الله عز وجل أن نكون جميعاً من هؤلاء السعداء.. وكل عام والوطن وأبناؤه بخير وسعادة.
حمدي دوبلة
رمضان.. الروح والضمير 1123