المشروع الحضاري الإسلامي يقوم على إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وهي ظلمات معنوية يراد بها تردي أو نكوص القيم والأخلاق ، كما أن النور معنوي أيضا يراد به تطور القيم والأخلاق .
والإنسان في الإسلام مكرم من قبل خالقه سبحانه ، وآية تكريمه تفضيله على باقي الكائنات، واستخلافه في الأرض ، فضلا عن تسخير باقي المخلوقات له سواء الحية أو الجامدة . ولا يمكن أن يحدث للإنسان نكوص على مستوى التكريم أي لا يمكن أن يتراجع عن درجة التكريم الذي أعطيه يوم خلق.
إن العلمانية تتسم بخاصية قلب المفاهيم في صراعها مع الإسلام من أجل تقديم نفسها كبديل حضاري مسبوق بنماذج حضارية منتكصة على مستوى القيم والأخلاق عبر تاريخ البشرية ، والتي عادت من جديد في أشكال تدعي الحداثة ، وهي تعتبر في العرف العلماني تطورا موازيا للتطور المادي والتكنولوجي .
ومن المعهود تاريخيا أن العدل أساس الحكم ولذا كانت دعوة الإسلام بإقامة (دولة العدل الإلهي) وليس دولة التشيع الإلهي أو دولة الإسلام الإلهي.
الجدير بالذكر أن الرسالات السماوية عبر العصور كانت كلها تتضمن نفس المشروع الحضاري الإسلامي في شقه المعنوي حيث ظلت نفس القيم سائدة عبر العصور بالرغم من تغير العالم ماديا من عصر إلى آخر . ولقد تطور العالم ماديا ، فانتقل الإنسان من ركوب الدواب إلى ركوب الأجواء على سبيل المثال إلا أن قيمه الأخلاقية لم تتغير . فإذا كانت الطائرة المخترقة لجدار الصوت قد عوضت الجمل والناقة، فإن قيمة الصدق بقيت كما هي لأنها من الثابت الذي لا يتغير بتغير المتغير.
ولو تساوى الجميع بالحقوق واخذ كل فرد حقه لارتقينا وصرنا في مقدمة الأمم والشعوب ولاشك أن لدى أي مرجع مصلح نظرة شمولية للمجتمع الإسلامي وغير الإسلامي بحيث يكون مطبقا ومجسدا لحلم الأنبياء والمرسلين بتكوين دولة تحفظ فيها جميع حقوق الطوائف بغض النظر عن الانتماء الديني أو القومي أو الاثني .
إيمان سهيل
المشروع الإسلامي ونكوص العلمانية 1372