إن المتابع لمجريات الأمور, فاليمن يجد أن الأقطاب السياسية لم تستشعر المسئولية حتى هذه اللحظة وكأن ضمائرهم وقيمهم التي هي في غياب تام توافق أفعالهم التي أضرت باليمن وكأنهم يجازون هذا الوطن الغالي الذي جعل منهم قادة أثرياء كسبوا وتعلموا على حساب ضياع عامة الشعب.. ولأول مرة في اليمن تتصارع الأقطاب السياسية بمباركة العلماء والمثقفين, صراع على المصالح الحزبية ومصالح الدول المتصارعة في اليمن, مستبعدين بذلك تباعات هذا الصراع وما قد ينتج عنه من أضرار لهذا الوطن الأرض والإنسان, وللأسف نجد أن هم الجميع في هذه المرحلة الخطرة كيف تنتصر الأحزاب على بعضها ومَن مِن الأقطاب سيهزم الآخر, وبهذا الواقع المؤلم الذي نعيشه بمباركة وتوجهات أقطاب الخارج نجد أن المتضرر الأكبر والخاسر هو الوطن ومن هم خارج الصراع السياسي من اليمنيين البسطاء الذين ربطوا همهم بهم هذا الوطن.. مأسات وكوارث يصنعها اليمانيون بأيديهم وأفكارهم الملوثة التي تحدق باليمن من جميع الجهات وتناسوا أن اليمن كأرض وكإنسان إن تقزموا فلن تكون الأقطاب السياسية في مأمن من المخاطر وإن تبعثر هذا الشعب فلن تجد تلك الأقطاب ما يسندها أو يقف معها.
ولعل الشعب اليمني البعيد عن رؤى تلك الأقطاب وأحزابها يعرفون كل المعرفة المتصدرين للمشهد السياسي في اليمن وكيف كانت بدايتها وما آلت إليه تلك الأقطاب في الوقت الحاضر من توجهات لكل الشخصيات التي تسمي نفسها وبألقابها المناضلة والثورية ودعاة التحرر والتقدم وأصحاب النظريات والاستراتيجيات والمشاريع المذهبية والسلالية والمناطقية، كل تلك التوجهات لها ما يمولها ويشجعها من الدول المجاورة ولااقطاب الإقليمية والتوجهات الدولية ومن يتبع تلك المسارات في الداخل لكي تبني مجداً لها في اليمن على حساب اليمن الأرض والإنسان, كل تلك التناقضات لم تعد تخفى على المواطن اليمني البسيط, منهم صناع الحروب وصناع الأزمات وناهبو الثروات ومن هم مثيرو الفتن, أقطاب مفضوحة وكتاب مأجورون وصحف صفراء وعلماء متحزبون ومثقفون يبحثون عن أمجادهم وأمجاد أجدادهم عن طريق السلالية والمذهبية والمناطقية, الجميع يعبثون بمقدرات هذا الوطن الغالي وليعلم كل المتوجهين صوب الغرب وصوب دولة فارس والمتوجهين صوب بلاد الحرمين ومن يتوسلون ويحلمون بعطايا حمد وموزه في قطر أن الشعب يعرفهم حق المعرفة وإن تباكوا أو تألموا أو تشدقوا, فهم معروفون كيف كان ماضيهم الأليم وكيف هم اليوم بقصورهم وأراضيهم وأرصدتهم وكيف تعلم أولادهم وكيف سخرت كل مقدرات هذا الوطن حتى عندما يصابون بأعراض المرض وإن سكت المواطن على فعل هؤلاء, لكن أيادي الشعب مرفوعة للعلي القدير تدعو (لا سامحك ولا رضي عنك يا من تبث الرعب بمن معك ويا من تدعي المشيخ بمرافقيك وزبانيتك وبمن معكم ويا من تتاجر بحقوق الناس وبمن معك ويا من استبدلت مشائخ الضمان بمشائخ الصوالين والطرابيل, لا سامحك يا من بعت اليمن بما أدوه لك, لا سامحك يا من استخدمت السلاح في قتل النفس المحرمة بمن معك).
إن المواطن اليمني اليوم يدفع ثمن أخطاء الساسة من دمه وعرقه وقوت عيالة, لقد أفقدونا الساسة الوطن الآمن وأفقدونا الطمأنينة والسكينة وجعلونا نعيش واقعاً مؤلماً وحزيناً وواقعاً مجهولاً, عبث وفوضى وقتل في كل المحافظات ولا ندري لماذا دعاة الخير وحكماء هذا الوطن لم يخرجوا عن صمتهم ويقولوا: كفى لهذا الوطن ما قد حصل وليكن هم الجميع نسيان الماضي بكل مآسيه ولنبدأ تصحيح ما أفسدته أيادي العابثين والفاسدين الذين يجعلون من أرضنا ودمنا ساحة, للصراع, يتاجرون بمصير ومستقبل أولادنا ومصير هذا الوطن, أي واقع نحن فيه تستخدم فيه لغة الحرب بدلاً عن لغة السلام ولغة الهدم بدلاً عن لغة الإصلاح ولغة التخريب والتدمير بدلا عن لغة البناء والتشييد ولغة القتل بدلاً عن لغة المحبة والوئام ولغة التقطع والاختطاف بدلاً عن لغة الأمن والأمان كل هذا يدور في اليمن وما زال صوت الحق والعدل يعلو فوق رؤوس العابثين والمتهورين وبالخارج مستقوين.
لا تحزن يا وطني الغالي, رحلوا من قبلهم ولن ينسى الزمان من بعدهم ولتحيا اليمن برجالها الأوفياء المخلصين ولتحيا كل الأيادي التي تبني ولا تهدم, الأيادي البيضاء الغير ملطخة بمشاريع التآمر مهما تأمروا, المجد والخلود لكل الوطنيين المخلصين لهذا الوطن.
سجل يا تاريخ على ذاكرة كل مواطن يمني من هم قادة وفتوات هذا الزمان, من هم بأسمائهم ومواقعهم ولا تحزن عليهم, كلهم استلموا الأجر والثمن, لا تحزن يا وطني لقد عرفنا من هم المسئولون بالواسطة والرشوة وأصبحوا مدراء وقادة ومن هم المشائخ بالبطاقة وبالسلاح هم القوة ومن أفتوا وحرضوا وقتلوا وقطعوا ونهبوا ودمروا, ومن الوطن والشعب إن شاء الله لن يسلموا أو يرحموا .
اليمن يا أقطاب ويا ساسة أكبر من توجهاتكم ومشاريعكم وأكبر من تآمراتكم وأطماعكم والتاريخ سوف يدون كل أفعالكم باليمن مهما غابت الحقائق عنكم سيأتي بها الزمان وتتناولها الأجيال وسوف تحلقون باللعنات مثل من سبقوكم وسيبقى اليمن عزيزاً شامخاً كريماً وإن عصوه وجاروا عليه وترعرعوا فيه وسوف يسجل التاريخ مقاصد من كانوا في الميادين والساحات ومن كانوا فتوات الشوارع والحارات، فالتاريخ لا يرحم.
الشيخ/ محمد أمين الكامل
هل جاء الوقت ليستشعر اليمانيون ما ارتكبوه بحق وطنهم وشعبهم؟ 1176