لا غرابة أن يكون نشاط الثورة المضادة في اليمن ممنهجاً ومدروساً ويمتلك الكثير من الآليات والوسائل المختلفة التي تعبث فساداً في البلاد بلا ورع ولا روية, نزعت منها كل القيم الدينية والوطنية والأخلاق من أجل أن تصل بالمواطن المغلوب على أمره إلى قناعة بأن الثورة وراء كل هذا التخريب والتراجع الشديد في الخدمات العامة وارتفاع نسبة الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة المختلفة وانتشار المظاهر المسلحة وتحول التقطع والنهب والقتل أحياناً إلى ظاهرة منتشرة لم يكن يعرفها المجتمع من قبل بهذه الصورة المخزية لمن يمارس هذه السلوكيات الغريبة على مجتمعنا اليمني ولمن يخطط لها ويمولها لتحقيق أهداف رخيصة ودنيئة ومنحطة ومفضوحة في نفس الوقت, ومعروف الجهات الحاقدة على الشعب اليمني منذ 33 عاماً وهذه العصابة تحكم البلاد بسياسة الصراع الثنائي بين المكونات السياسية والمدنية والقبلية وغيرها من المكونات التي اكتشفت أن نظام الرئيس السابق اعتمد على سياسة فرق تسد ليبقى متفرجاً ويشغل الناس عن المطالبة بحقوقهم المختلفة.
وللتأكيد على ذلك كل من يتابع قضايا الثأر بين القبائل في أكثر من منطقة في يمننا الحبيب يجد أن هذه الظاهرة تكاد تكون اختفت إلى حد كبير منذ بداية الثورة الشبابية الشعبية في بداية 2011م وكذلك الصراع السياسي السابق بين الأحزاب, فصالح استغل الخلاف السياسي بين الأحزاب في فترة من الفترات أثناء حكمه لتوسيع دائرة الخلاف وإشعال الصراع السياسي بين مختلف الأحزاب السياسية وتأجيجها خدمةً لأهدافه المعروفة للجميع وهي إشعال الفتن بين الناس وتغذيتها مادياً ومعنوياً في سبيل تدمير البنى التحتية لها وقطع أي سبيل للتوافق حول رؤى وأهداف مشتركة تمكن الآخرين من مد جسور التعاون والمشاركة وتوحيد الجهود لانتزاع الحقوق وإيقاف التدهور السياسي في تلك الفترة, وما حصل في التسعينات من صراع سياسي بين كل من الحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح كان نموذجاً للمكائد التي كان يفتعلها صالح للوقيعة بين أكبر حزبين يقودان المعارضة ضده حينها والحيلولة دون التقارب الفكري والسياسي بينهما, لأنه يعرف جيداً أنه في حال تم التقارب بينهم فسيكون على حساب بقاءه في الحكم وإنهاء مشروع التوريث الذي كان يؤسسه لنجله من بعده..
ولكن وكما يقال انقلب السحر على الساحر, فكان أن كشفت اللعبة العفاشية فكانت حافزاً للقادة الوطنيين من الجانبين وعلى رأسهم الشهيد/ جار الله عمر- رحمة الله عليه- القيادي في الاشتراكي, والقيادي في التجمع اليمني للإصلاح الأستاذ/ محمد قحطان والكثير إلى جانبهم من الحريصين على الخروج بهذا الوطن إلى بر الأمان وحشر صالح في زاوية ليبقى وحيداً.. وعليه تم تأسيس اللقاء المشترك مع بقية الأحزاب المنضوية تحت هذا المسمى, هذا الجبل الشامخ الذي استعصى على الرئيس السابق تفكيكه حتى يومنا هذا, فكان أن تبنى فكرة النضال السلمي لنيل الحقوق والحريات ابتداءً من العام 2004م ..
وعلى مدى سنوات من النضال السلمي السياسي وتدريب الشارع على الخروج في وجه الحاكم وحتى الإعلان عن الهبة الشعبية في نهاية العام 2010م وبداية 2011م فكانت الثورة الشبابية الشعبية المباركة التي أطاحت بنظام صالح وكل مشاريعه الاستبدادية.
ومع كل ذلك فما يزال الرئيس السابق يسبح في أحلام اليقظة هو وعصابته وزبانيته بالعودة إلى الماضي البغيض وهو الآن يدير ثورته المضادة وعمليات التخريب في أكثر من قطاع وأولها ضرب محطات الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والتحريض على التخريب وتمويل التقطع ومد المتقطعين بالمال والسلاح ودفعهم إلى تعكير الأمن والاستقرار وهذا ما نشاهده يومياً ونسمعه من مختلف المصادر الإعلامية وحتى المظاهر العامة للمدن الرئيسية أصبحت أكوام القمامة والمخلفات تملأ الشوارع والعمل بكل الوسائل على إيقاف عمل النظافة من خلال ضعاف النفوس في السلطات المحلية في المحافظات سواءً أكانوا محافظين أم مسئولين في المحافظات.. ومثل هؤلاء مكشوفون ومعروفون للجميع ومن المؤكد أن الرقابة الثورية ترصدهم وترصد تورطهم في التخريب وتغاضيهم عن واجباتهم الوطنية في أعمالهم الوظيفية خدمةً لكبيرهم الذي علمهم الخيانة والتخريب على مدى عقود من الزمن وهم الآن لا يملكون إلا أن يسمعوا له ويطيعوا على حساب مصالح الناس..
فالواجب الوطني يحتم على ولاة الأمر, ممثلين برئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء ووزراء حكومة الوفاق, أن يقطعوا الطريق على أمثال هؤلاء المرتزقة الجبناء واستبدالهم بأناس وطنيين ثوار, وكثير هم, لبناء يمن جديد ومستقبل أفضل.
محمد صالح الرميم
ثورتنا مستمرة رغم أنف الحاقدين!! 1614