جريمة إبادة مع سبق الإصرار والترصد.. مكانها ساحة الحرية تعز.. مساء الأحد الموافق 29 مايو2011م.. عندما قرر الرئيس السابق وزبانيته في تعز وعلى رأسهم المجرم قيران إحراق ساحة الحرية المليئة بالثوار من أبناء تعز التي فجرت الثورة الشبابية الشعبية في يوم الحادي عشر من فبراير 2011م, خرج قرار الإحراق من دهاليز الاستخبارات العفاشية وذلك لإنهاء ووأد الثورة في مهدها بعد فشله في ذلك في جمعة الكرامة والتي أسقطت نظامه فعلياً في الثامن عشر من مارس من العام نفسه.. وكما هو معتاد فإن الرئيس السابق لم يستفد من الدروس التي مر بها ولم يفهم أن شهداء جمعة الكرامة أشعلوا الثورة وأدخلوها إلى كل بيت في اليمن, وهو بجريمته الشنعاء ضم من بقي في صف المحايدين إلى صف الثورة تعاطفاً إن لم يكن قناعةً..
كنت يومها في ساحة الحرية وتحديداً في المدخل الغربي منها, حيث كنا ومجموعة من الشباب نؤدي واجبنا في حماية الساحة من بلاطجة الرئيس السابق, وكانت الخطة قد رتبت قبل أيام لاقتحام الساحة وإحراق كل ما فيها من بشر وشجر وحجر.. كان يوماً فضيعاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى, لم نتصور أن تصل بذاك النظام المسخ الجرأة والحقد والخبث إلى هذه الدرجة من الإجرام والتعطش للقتل وإراقة دماء الشباب المرابطين سلمياً في ساحتهم ساحة الحرية..
ولا يسعني الوقت هنا أن أصف كل ما حدث من قبل قوات الرئيس السابق آنذاك من قتل مباشر وحرق للخيام وبعض الشباب نائم فيها وحرق الخيام التابعة للمعاقين المعتصمين والكثير من الذكريات الأليمة والتي تعصر القلب وتدميه.. حتى المسجد لم يسلم من الاعتداء عليه، حيث كان الجرحى من شباب الثورة في المستشفى الميداني في ساحة المسجد نفسه..
وكل ثوار تعز يعرفون من المتورط في التخطيط والتنفيذ لهذه الجريمة التي هزت كيان البلد, بل قل العالم من حولنا, حيث كان من المتنفذين في بعض الإدارات الحكومية وبعض المحسوبين على إدارة محافظة تعز متورطين وأيديهم ملطخة بالدماء والقتل والتشريد في ذلك اليوم الأسود في تاريخ كل من ساهم وأشار وسكت على تلك الكارثة, والمصيبة الأشد فتكاً أنه وبعد سقوط نظام الرئيس السابق مازال هناك من يتربع على كرسي السلطة حتى يومنا هذا وهو متورط بالأدلة القاطعة اليقينية بمشاركته بقتل شهداء الثورة في تعز فالبعض منهم من فتح إدارته الحكومية على مصراعيها للقتلة بأن يبنوا متارسهم للقنص والقتل من داخل مكتبه الحكومي أو من المؤسسة التابعة له أدارياً وكان في مقدروه منع القتلة من التمترس داخل الإدارات الحكومية ومن تلك الإدارات إدارة التربية والتعليم بالمحافظة وكذا مكتب الصحة الذي فتح للقتلة يومها ساحة مستشفى الثورة العام وبنايات المعهد الصحي المطلان على ساحة الحرية, وقد سقط العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى من هذه الأماكن التي ذكرناها.. ومع كل ذلك لا يزالون يحكمونا حتى اليوم وللأسف الشديد فإن محافظ المحافظة الأخ/ شوقي هائل من يدعي أنه من أنصار الثورة يدافع عنهم ويحميهم من مطالبات الثوار بتغييرهم كخطوة أولى للتوصل إلى محاكمتهم جراء مشاركاتهم في القتل وإحراق الساحة.. الأمر الذي يعد معه رفض تغييرهم تحدياً صارخاً للمشروع الثوري التغييري في المحافظة التي ضحت بأكثر من 200 شهيد وشهيدة من أجل التغيير ويأتي اليوم من يعرقل مسيرة التغيير في تعز خدمةً لبقايا نظام الرئيس السابق..
ومن هنا نعلنها للجميع بأن دماء الشهداء وأنات الجرحى لن تصير هدراً, ونقول لرئيس الجمهورية ومحافظ المحافظة بأن تعز قلب الثورة لن يتم سكوتها طويلاً على ما يحصل فيها من تجاوزات خطيرة تصل لحد أن القاتل والفاسد يحكمنا حتى بعد الثورة.. وإن مطلبنا سيظل هو نفسه بأننا نرفض رفضاً قاطعاً بأن يبقى هؤلاء على كراسيهم يحكموننا بينما الشرفاء وأبطال الثورة مبعدون عن كل شيء, حتى نصيبهم في التوافق السياسي والشراكة التي ضمنتها لهم المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية محرومون منه تبعاً لسياسة محافظ المحافظة المحسوب على الرئيس السابق ويمثله بكل جرأة واستفزاز لمشاعر أهالي الشهداء والجرحى الذين أهانهم أمام مكتب المحافظة ويدعي دعمه للثورة!.
*ناشط حقوقي - منظمة الكرامة- تعز
محمد صالح الرميم
تعز في ذكرى المحرقة 1604