في الأيام الماضية حل ضيف من العيار الثقيل على طاولة مؤتمر الحوار الوطني وهو مشروع رؤى مختلف القوى السياسية بشأن القضية الجنوبية وجذورها.. وكذلك قضية صعدة وجذورها..
وقامت جميع القوى السياسية بتقديم رؤاها بحسب منظورها ومفهومها بحسب الايدلوجية المنسوبة لها.. في نفس الوقت التي تؤكد تلك المعزوفات الكلامية لبعض القوى بؤرة الصراع فيما بينها, وهوما جعلنا أمام بحيرة من الحسرة والحيرة.. نتيجة ممارسة تلك القوى ثقافة اللامبالاة في خلق جذور قضية أخرى بالغة التهميش والإقصاء المتعمد منها, في إلغاء شريحة من شرائح المجتمع اليمني الواحد.. ويتجسد ذاك الإهمال والتهميش والإقصاء في نسيان القضية التهامية.. تهامة التي كان لها ومازال الحيز الأكبر والأوفر من مصطلحات العبودية ولاستبداد بشكل عامة, تهامة الأرض والإنسان.. البر والبحر.. العالم والقبطان. والمزارع والصياد.. الثمار والأسماك.. الحبوب والصليف..
تهامة من منا لا يعرف تهامة.. التي تمتد جذور قضيتها ولكن بكل شفافية ووضوح النظام السابق له شأن كبير في تكريس ذلك قولاً وفعلاً.. لقد قسم العرب شبه الجزيرة العربية إلى خمسة أقسام وهي: اليمن وتهامة والحجاز ونجد والعروض.. وعرفت تهامة بكسر التاء الذي يعني السهول الممتدة على ساحل البحر الأحمر وسميت بذلك لركود الرياح فيها.. وأصل كلمة تهامة هو وخم إشارة إلى مناخها الحار.. وفي اللغة وردت تهامة عكس نجد أي ما انخفض من الأرض.. وفي لغة النقوش اليمنية القديمة ورد اسم تهامة مقابل اسم (طود) وهو الجبل الذي يقابله السهل.
في ظل النظام السابق أصبحت تهامة مجرد إقطاعيات.. فنهب الأراضي في حرم المطار ونهب الأراضي في الحرم الجامعي وجبل الصليف, ناهيك عن حالة التشريد الألاف من المهمشين والجنس الأسود.. من مساكنهم والمداهمة التي حصلت لمنازلهم وتحطيمها بحجة أنها غير منظمة وبعد ذلك الاستيلاء عليه دون تعويضهم التعويض العادل لهم.. وناهيك عن حالات التهميش والإقصاء التي تجسدت في تغييب أبناء تهامة من المراكز الإدارية والدرجة الوظيفية بأنواعها...وحالات تهميش الأدباء والمثقفين..
تخيل عزيزي القارئ أن هناك أديباً ومفكراً تهامياً له أكثر من 200 من المخطوطات والمؤلفات لم يتم طباعة سوى مؤلف واحد فقط وهو شيء يجسد عمق التهميش والإقصاء لتهامة ومكانتها العريقة بين التاريخ.
ياسر أبو الغيث
تهامة عراقه تاريخ.. ورؤى طمس الهوية!! 1414