إن المتتبع للتاريخ اليمني المعاصر يرى بأن الكثير من الأبطال الغيورين على هذا الوطن، ضحوا بأرواحهم قبل تحقيق أهدافهم التي ناضلوا كثيراً من أجلها، ونادراً ما نجد أبطال عايشوا تحقيق الأهداف التي ضحوا من أجلها.. فلا يختلف اثنان أن لكل ثورة أبطالاً مُنظرين، فالثورة البلشفية برز فيها لينين، كما برز في الثورة الفرنسية جون جاك روسو، وفي الثورة الثقافية في الصين برز ماو تسي تونغ.
في مقالي هذا لن أختزل مفهوم البطولة في شهيد، أو جريح، أو معتقل؛ لكنني سأختزلها في بطل يعيش بيننا، حُراً عاشقاً للحرية، محباً للحق، رافضاً للظلم، قرر مواجهته دفاعاً عن وطنه وشعبه، يرفض ثقافة الاستسلام والخضوع، شامخ كالجبال، لا ينحني إلا لخالقه.. بطلٌ نظر لثورة، وكان نوراً وناراً، نوراً يضيء طريق الشباب في تحقيق أهداف ثورتهم، وناراً تقتلع الفساد والفاسدين الواحد تلو الآخر.
هو الذي عرفناه ثائراً قبل أن تشرق شمس الثورة الشبابية الشعبية السلمية، ذلك الثائر الأبي، الذي احترمه خصومة السياسيون وألدُ أعدائه.. تعلمنا على يده النضال بأرقى صوره، ناضل من أجل استعادة الحرية المسلوبة، والدولة المفقودة.. لقد مارس النضال قبل الثورة وبعدها، مارس النضال في زمن كان فيه الكثيرون ممن يدعون النضال اليوم، يتسابقون على الكراسي التي كانت شغلهم الشاغل، وهمهم الأول، لكن التاريخ لن يغفل عن فَضحهم.
إنني على يقين بأنه البطل الحي، مُنظر ثورة الشباب الأول، ورائد ثورة القلم وثورة الجامعات، ثورة المحاضرة.. لقد نَظر للثورة قبل اندلاعها وتعلمنا منه مفهوم الوطنية بأسمى صورها، وأن الوطنية ليست أقوال, بل هي أفعال من أجل تحقيق مصالح الوطن العمومية وليست الخصوصية.
إنه الدكتور/ محمد الظاهري، ذلك البطل الحي، الذي أثبت بطولته بقلمه الحر، وفكره المُستنير، لا بترديده لشعارات وهمية، لاتسمن ولا تغني من جوع.. أثبت بطولته في المسيرات التي خرج فيها السواد الأعظم من أبناء اليمن، من أجل إسقاط منظومة فساد متكاملة.. ذلك البطل الذي تقدم المسيرات مواجهاً الرصاص الحي بصدر عاري، كان سلاحه الوحيد فيها قلمه، بعد أن رفض التنظير للثورة خلف شاشات التلفاز..
لقد نجح القتلة في إسقاط الظاهري جريحاً، لكنهم عجزوا عن إسقاط قلمه الحر وفكره المُستنير.. لقد أثبت وطنيته بعد ما فشل الكثيرون في أدعاء الوطنية، الدكتور الظاهري سيكرمه التاريخ، بعد أن كرمه شباب الثورة.
إن قلمي يعجز عن وصف هذا البطل الحي، فالأحرف لن تكفي، والكلمات لن توفيه حقه.. إن الظاهري بمواقفه الوطنية المشرفة سجل اسمهُ بأحرف من نور، وكلمات من ذهب في أسطر التاريخ اليمني المعاصر.. الظاهري يثبت لنا بأن اليمن ستظل ولادة للرجال الأوفياء أمثالة.. فهنيئاً لليمن الظاهري، ودام فخراً وعزاً لكل أحرار وحرائر اليمن.
خالد وليد الفضول
البطل الحي 1451