هكذا أراد الجنرال علي محسن صالح يعيش كبيراً ويدير الكبار ويؤثر في الأحداث الكبيرة.. اختار موقعه بنفسه عند ولوجه إلى الحكم والسلطة واختار بنفسه أيضاً متى وكيف يترك هذا الموقع.
رجل أكبر من حزب وأدهى من مجموع السياسيين في اليمن.
في نظام صالح كان هو الحامل السياسي لقضاياهم ومصالحهم عند النظام وفي مفاصل الدولة.. واليوم في اطار نظام يشرف عليه العالم وأنتجته ثورة شعبية أطاحت بالنظام السابق لازال الرجل يؤدي نفس الدور للسياسيين أو النظام الجديد معاً بقناعة الجميع ومصلحة الكل.
في وظائفه الرسمية وأعماله الإدارية والمؤكلة إليه يختار لنفسه الرقم(2) رغم أنه غالباً من يأتي بالرقم(1) ، كان يؤدي التحية لـمحسن سريع - قائد الفرقة- وكذلك لوزراء الدفاع والأركان وكذا لعلي عبدالله صالح، في الوقت الذي كانوا يشعرون بالحاجة إليه ليعترف بهم كقادة فعليين.
هذا الاحتراف في الإدارة والسياسة لا يتوفر إلا عند القلة القليلة من القادة النادرين جداً، حيث أن الصراعات دائماً تكون بسبب الموقع رقم (1) سواء في الأنظمة والسلطات أو في الأحزاب أو الجماعات أو المؤسسات والهيئات..
علي محس اسم سمع به أغلب اليمنيين, لكن لا يعرف صورته إلا في البعض (إذا استثنينا مرحلة الثورة الشعبية) فلماذا ؟
لأنه اختار الإدارة في الظل والعمل بصمت وليس لديه هواية الكاميرات والأضواء واثق بقدراته ولا يبحث عن تسويق لصورته, أعطى لنفسه دور الإنتاج والإخراج وترك الآخرين للإعلانات والدعاية .
وحتى مرحلة الثورة عرف الناس صورة عبده الجندي والأضرعي أكثر من علي محسن ومن دهاء الرجل في هذا الجانب لا يعرف الشعب اليمني أين يعمل أولاده في أي لواء وفي أي وزارة أو سفارة ولماذا لم يحضروا ولما لم يُنتخبوا في مجالس النواب السابقة أو يحضروا قيادة الفرقة ويمارسوا مهام والدهم ويتوسطوا ويعينوا ويشعروا الآخرين بوجودهم مثل الآخرين.. كل هذا لم يحصل رغم أن الشعب اليمني يعرف جميع أبناء رفاقه في العائلة والأسرة والقبيلة ويعرفون مواقعهم المرموقة ويقصدونهم في الضر والنفع ولا يخفى على أحد أن جزءاً كبيراً من أسباب انشقاق صف النظام السابق هو ترتيب وضع أولاد صالح وأقاربه والسعي لتوريث الحكم والبلد، واليوم يبحث هؤلاء الأولاد عن حصانة حقيقية تضمن عدم ملاحقتهم في الداخل والخارج, بينما أولاد علي محسن ليسوا موجودين في أي كشف أو عريضة استجواب من الشعب أو من أي جهة أخرى... أليس هذا دليل على دهاء الرجل أيضاً ونزاهته؟!!.
في هذا المقال لم أقصد مدح الرجل بقدر ما أقصد التوصيف الحقيقي لأدائه السياسي في المرحلة السابقة وهي في نفس الوقت رسالة للزعماء والتركيبة السياسية الجديدة في البلد حتى لا يخطئوا في تشخيص الرجل والتعامل معه.
كما هي دعوة لكل من أرتبط به عن طريق الدائرة المالية للفرقة وشئون الضبط وعطاءات المنطقة الشمالية الغربية أو طلبات قطعة أرض لبناء مسكن.. أنتهت هذه الروابط ولم يعد بحاجة إليها وما تبقى من الأرض بنظره فقد جعلها ملك مشاعا لجميع أطفال وعائلات اليمن كحديقة عامة تُبقي عليه حياً أطول مما عاش ليظل كبيراً كما أراد.. ألم أقل لكم أنه أدهى الجميع!!..
عبد القادر سعيد
دهاء الرجل ونزاهته 1477